بِشُرُوطٍ
أَحَدُهَا: تَقَدُّمُ الدَّعْوَى بِالْحَقِّ الْمَشْهُود بِهِ.
الثَّانِي: اسْتِدْعَاءُ الْمُدَّعِي أَدَاءَهَا مِنْ الشَّاهِد.
الثَّالِثُ: إصْغَاءُ الْحَاكِمِ إلَيْهِ وَاسْتِمَاعُهَا مِنْهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ إذْنُهُ فِي الْأَدَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ مِنْ الْأَدَبِ الْحَسَنِ.
الرَّابِعُ: لَفْظَةُ " أَشْهَدُ " فَلَا يَكْفِي غَيْرُهَا: كَأَعْلَمُ وَأَجْزِمُ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ: وَمُقَابِلُهُ وَإِنْ كَانَ مُنْقَاسًا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ مَائِلٌ إلَى التَّعَبُّدِ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقِيَاسُ.
الْخَامِسُ: الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، فَلَوْ ادَّعَى بِأَلْفٍ فَشَهِدَ بِأَلْفَيْنِ، لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ قَطْعًا، وَفِي ثُبُوتِ الْأَلْفِ الْمُدَّعَى بِهَا خِلَافٌ، تَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
السَّادِسُ: أَنْ يُؤَدِّيَ كُلُّ شَاهِدٍ مَا تَحَمَّلَهُ مُصَرِّحًا بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ شَاهِدٌ بَعْد أَدَاءِ غَيْرِهِ، وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ أَوَأَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ لَمْ يُسْمَعْ حَتَّى يُصَرِّحَ بِمَا تَحَمَّلَهُ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِأَدَاءٍ.
ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ " أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطَّيْ " لَا يُسْمَعُ أَيْضًا. قُلْت: صَرَّحَ بِهَذَا الْأَخِيرِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
السَّابِعُ: أَنْ يَنْقُلَ مَا سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ إلَى الْحَاكِمِ، فَلَوْ شَهِدَ بِاسْتِحْقَاقِ زَيْدٍ كَذَا عَلَى عَمْرٍو لَمْ يُسْمَعْ.
[الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا ذِكْرُ السَّبَبِ]
مِنْهَا: الْإِخْبَارُ أَوَالشَّهَادَةُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ، وَبِالرِّدَّةِ وَبِالْجُرْحِ وَقَدْ أَجَابُوا فِيهَا بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ مُخْتَلِفَةٍ، مَعَ أَنَّ مُدْرِكَهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي أَسْبَابِهَا، فَقَالُوا فِي الْمَاءِ: يَجِبُ بَيَانُ السَّبَبِ مِنْ الْعَامِّيِّ وَالْفَقِيهِ الْمُخَالِفِ وَيُقْبَلُ الْإِطْلَاقُ مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ. وَصَحَّحُوا فِي الرِّدَّةِ قَبُولَ الْإِطْلَاقِ مِنْ الْمُوَافِقِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْجُرْحِ بَيَانُ السَّبَبِ مِنْ الْمُوَافِقِ وَغَيْرِهِ، وَاعْتُذِرَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْجُرْحِ بِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِم لَا بِعَقِيدَةِ الشَّاهِد، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ لِيَنْظُرَ الْحَاكِمُ أَقَادِحٌ هُوَ أَمْ لَا؟ وَفِي الرِّدَّةِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ الْإِطْلَاقُ فِيهَا ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْعَدْلِ الِاحْتِيَاطُ فِي أَمْرِ الدَّمِ، مَعَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَادِرٌ عَلَى التَّكْذِيبِ، بِأَنْ يَنْطِقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَالْمَجْرُوحَ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّكْذِيبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute