للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَمَّا لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ، كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو، فَفِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ: الْبُطْلَانُ ; لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ كَالِاسْتِبْدَالِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ. وَشَرْطُهُ عَلَى مَا قَالَ الْبَغَوِيّ ثُمَّ الرَّافِعِيُّ: أَنْ يَقْبِضَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا، بَطَلَ الْعَقْدُ.

قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ خِلَافُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ الْحَالِّ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مُنْكِرٍ - وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ - لَا يَصِحُّ جَزْمًا، وَكَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ، لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ.

[مَا يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِبْدَالُ وَمَا لَا يَجُوزُ]

لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ وَيَجُوزُ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ مَثَلًا، وَقِيمَتِهِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْع وَبَدَلِ الدَّمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا الدَّيْنُ الْمُوصَى بِهِ وَالْوَاجِبُ بِتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ فِي الْمُتْعَةِ أَوْ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَكَذَا زَكَاةُ الْفِطْرَةِ إذَا كَانَ الْفُقَرَاءُ مَحْصُورِينَ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: وَفِي الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْحَوَالَةِ: نَظَرٌ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ أَمْ لَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ الْمُحَالُ بِهِ فَيُعْطَى حُكْمُهُ. وَحَيْثُ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ، جَازَ عَنْ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا، لَا عَكْسِهِ. ثَمَّ إنْ اسْتَبْدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا، شُرِطَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا تَعْيِينُهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ غَيْرِهِ، شُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا فِي الْعَقْدِ وَلَا قَبْضِهِ.

قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ، إنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ، مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ اللُّزُومِ. أَمَّا قَبْلَهُ: فَيَتَعَيَّنُ بِرِضَاهُمَا وَيُنَزَّلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ يَقْتَضِي إلْحَاقَ زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي ذَلِكَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ.

[الزَّكَاة فِي الدِّين]

الْخَامِسُ: لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إنْ كَانَ مَاشِيَةً، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُوصَفُ بِهِ. وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ: بِأَنَّ الْمُسْلِمَ فِي اللَّحْمِ يَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ رَاعِيَةٍ أَوْ مَعْلُوفَةٍ، فَكَمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَحْمُ رَاعِيَةٍ، فَلْتَثْبُتْ الرَّاعِيَةُ نَفْسُهَا وَأَجَابَ الْقُونَوِيُّ: بِأَنَّ الْمُدَّعَى اتِّصَافُهُ بِالسَّوْمِ الْمُحَقَّقِ وَثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ سَائِمَةً أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ وَلَا يَجِبُ فِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ مُعْسِرًا ; لِأَنَّ شَرْطَهُ الزَّهْوُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَا إنْ كَانَ دَيْنَ

<<  <   >  >>