وَقَدْ تَحَرَّرَ مِنْ إضَافَتِهِمْ قَوْلَ الْوَقْفِ إلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ: أَنَّ الْوَقْفَ نَوْعَانِ: وَقْفُ تَبْيِينٍ، وَوَقْف انْعِقَادٍ فَفِي الثَّالِثَةِ: الْعَقْدُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ، أَوْ بَاطِلٌ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ ثُمَّ تُبُيِّنَ فِي ثَانِي الْحَالِ.
وَفِي الْأُولَيَيْنِ: الصِّحَّةُ أَوْ نُفُوذُ الْمِلْكِ، مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، عَلَى الْقَوْلِ بِذَلك فَتَكُونُ الْإِجَازَةُ مَعَ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ ثَلَاثَتُهَا: أَرْكَانُ الْعَقْدِ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ أَقْوَى مِنْهُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، لِمَا فِيهَا مِنْ عُسْرِ تَتَبُّعِ الْعُقُودِ الْكَثِيرَة بِالنَّقْضِ ثُمَّ هُنَا مَرَاتِبُ أُخَرُ قِيلَ بِالْوَقْفِ فِيهَا أَيْضًا مِنْهَا: تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ فِي الْمَرْهُونِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ: كَبَيْعٍ، وَهِبَةٍ أَوْ بِمَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ كَالتَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ.
وَالْمَشْهُورُ: بُطْلَانُ ذَلِكَ. وَعَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ تَكُونُ مَوْقُوفَةً، إنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ فَكَّ الرَّهْنَ تُبُيِّنَ نُفُوذُهَا وَإِلَّا فَلَا، وَهِيَ بِهِ أَوْلَى مِنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ ; لِوُجُودِ الْمِلْكِ الْمُقْتَضِي لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِي الْجُمْلَةِ وَمِنْهَا: تَصَرُّفُ الْمُفْلِسِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ عَنْ الدَّيْن، بِارْتِفَاعِ سِعْرٍ أَوْ إبْرَاءٍ، بَانَ نُفُوذَهُ مِنْ حِينِ التَّصَرُّفِ، وَإِلَّا بَانَ بُطْلَانُهُ، هَكَذَا عَبَّرَ كَثِيرُونَ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْوَقْفَ وَقْفُ تَبْيِينٍ، وَمَال الرَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ وَقْفُ انْعِقَادٍ وَمِنْهَا: تَصَرُّفُ الْمَرِيضِ بِالْمُحَابَاةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: بُطْلَانُهُ وَالْأَصَحُّ: وَقْفُهُ، فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَارِثُ صَحَّتْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَهَذِهِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْمُفْلِسِ، لِأَنَّ ضِيقَ الثُّلُثِ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ، وَالْمَانِعُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُفْلِسِ وَالرَّاهِنِ قَائِمٌ حَالَةَ التَّصَرُّفِ.
[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ مُتَرَادِفَانِ إلَّا فِي أُمُور]
الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الْبَاطِلُ، وَالْفَاسِدُ عِنْدنَا مُتَرَادِفَانِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَفِي الْعِبَادَاتِ: فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ، وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ وَلَا يَبْطُلُ. قَالَ الْإِمَامُ فِي الْخُلْعِ: كُلُّ مَا أَوْجَبَ الْبَيْنُونَةَ وَأَثْبَتَ الْمُسَمَّى، فَهُوَ الْخُلْع الصَّحِيحِ. وَكُلُّ مَا أَسْقَطَ الطَّلَاقَ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ أَسْقَطَ الْبَيْنُونَةَ، فَهُوَ الْخُلْع الْبَاطِلِ، وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ الْبَيْنُونَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ خُلْعًا، وَأَفْسَدَ الْمُسَمَّى، فَهُوَ الْخُلْعُ الْفَاسِد.
وَفِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ: مَا أَوْقَعَتْ الْعِتْقَ، وَأَوْجَبَتْ الْمُسَمَّى. بِأَنْ انْتَظَمَتْ بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute