وَإِذَا تُؤُمِّلَ مَا جَمَعَهُ الْأَذَانُ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْعَظِيمَةِ وَمَعَانِيهَا وَدَعْوَتِهَا ظَهَرَ تَفْضِيلُهُ وَأَنَّى يُدَانِيهِ صِنَاعَةٌ؟ قِيلَ: إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.
الْخَامِسُ: الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ سُنَّةٌ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَقُلْت قَدِيمًا:
الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ عَابِدٍ ... حَتَّى وَلَوْ قَدْ جَاءَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ
إلَّا التَّطَهُّرَ قَبْلَ وَقْتٍ وَابْتِدَا ... لِلسَّلَامِ كَذَاكَ إبْرَا مُعْسِرَ
[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالْعِشْرُونَ: الْفَضِيلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِنَفْسِ الْعِبَادَة أَوْلَى مِنْ الْمُتَعَلِّقَة بِمَكَانِهَا]
" قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّب: هَذِهِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ صَرَّحَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِنْ كَلَامِ الْبَاقِينَ.
وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مَشْهُورَةٌ: مِنْهَا: الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ خَارِجَهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجُ فِيهَا الْجَمَاعَة وَكَانَتْ خَارِجَهَا فَالْجَمَاعَة خَارِجَهَا أَفْضَلُ.
وَمِنْهَا: صَلَاةُ الْفَرْضِ فِي الْمَسْجِد أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ.
فَلَوْ كَانَ مَسْجِدٌ لَا جَمَاعَةَ فِيهِ وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ فِي غَيْرِهِ فَصَلَاتُهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ خَارِجَهُ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَمِنْهَا: صَلَاةُ النَّفْلِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْبَيْتِ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا، فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِتَمَامِ الْخُشُوع وَالْإِخْلَاصِ. وَأَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ وَشُبَهِهِ حَتَّى أَنَّ صَلَاةَ النَّفْلِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ.
وَمِنْهَا: الْقُرْبُ مِنْ الْكَعْبَةِ فِي الطَّوَافِ مُسْتَحَبٌّ وَالرَّمَلُ مُسْتَحَبٌّ، فَلَوْ مَنَعَتْهُ الزَّحْمَةُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ، وَأَمْكَنَهُ مَعَ الْبُعْدِ، فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الرَّمَلِ مَعَ الْبُعْدِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْقُرْبِ بِلَا رَمَلٍ، لِذَلِكَ.
وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا: الْجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ إذَا خَشِيَ التَّعْطِيلَ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ فِيهِ. أَفْضَل مِنْ الْكَثِيرَةِ فِي غَيْرِهِ.
وَمِنْهَا الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، لَكِنْ خَالَفَهُ أَبُو الطَّيِّبِ.