[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ: الْحَرِيمُ لَهُ حُكْمُ مَا هُوَ حَرِيمٌ لَهُ]
ُ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ» الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْحَرِيمُ يَدْخُلُ فِي الْوَاجِبِ، وَالْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ وَكُلُّ مُحَرَّمٌ لَهُ حَرِيمٌ يُحِيطُ بِهِ، وَالْحَرِيمُ: هُوَ الْمُحِيطُ بِالْحَرَامِ، كَالْفَخِذَيْنِ فَإِنَّهُمَا حَرِيمٌ لِلْعَوْرَةِ الْكُبْرَى.
وَحَرِيمُ الْوَاجِبِ: مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ.
وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّقَبَةِ وَالرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ لِيَتَحَقَّقَ غَسْلُهُ وَغَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الْعَضُدِ، وَالسَّاقِ مَعَ الذِّرَاعِ وَسَتْرُ جُزْءٍ مِنْ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَعَ الْعَوْرَةِ، وَجُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ الرَّأْسِ لِلْمَرْأَةِ، وَحُرِّمَ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْن السُّرَّة وَالرُّكْبَةِ فِي الْحَيْض لِحُرْمَةِ الْفَرْجِ.
ضَابِطٌ:
كُلُّ مُحَرَّمِ فَحَرِيمُهُ حَرَامٌ إلَّا صُورَةً وَاحِدَةً، لَمْ أَرَ مَنْ تَفَطَّنَ لِاسْتِثْنَائِهَا، وَهِيَ دُبُرُ الزَّوْجَة، فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ التَّلَذُّذ بِحَرِيمِهِ، وَهُوَ مَا بَيْن الْأَلْيَتَيْنِ.
فَصْلٌ:
وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ، فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِمَالِكِ الْمَعْمُورِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا يُمَلَّكُ بِالْإِحْيَاءِ قَطْعًا.
وَحَرِيمُ الْمَسْجِدِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْبَيْعِ وَلَا لِلْجُنُبِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ، وَالِاعْتِكَافُ فِيهِ.
وَضَابِطُ حَرِيمِ الْمَعْمُورِ تَعَرَّضُوا لَهُ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.
وَأَمَّا رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ: هِيَ مَا كَانَ مُضَافًا إلَى الْمَسْجِدِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَامِلِيِّ: هِيَ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ خَارِجَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ إنَّهَا صَحْنُهُ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: هِيَ الْبِنَاءُ الْمَبْنِيُّ بِجِوَارِهِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: هُوَ مَا حَوَالَيْهِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ الْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدِّ الرَّحْبَةِ مِنْهُ ; وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن أَنْ تَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ أَمْ لَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: إنْ انْفَصَلَتْ عَنْهُ فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute