وَحَيْثُ جَوَّزْنَا انْعِقَادَ النِّكَاحِ بِهَا فَيَكْتُبُ: زَوَّجْتُك بِنْتِي، وَيَحْضُرُ الْكِتَابَ عَدْلَانِ ; وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَهُمَا وَلَا أَنْ يَقُولَ: اشْهَدَا، فَإِذَا بَلَغَهُ يَقْبَلُ لَفْظًا أَوْ يَكْتُبُ الْقَبُولَ وَيَحْضُرُهُ شَاهِدَا الْإِيجَابِ، وَلَا يَكْفِي غَيْرُهُمَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَهُوَ كَكِتَابَةِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَكَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. وَوِلَايَةُ الْقَضَاءِ كَالْوَكَالَةِ، فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهَا بِالْكِتَابَةِ، وَكَذَا يَقَعُ الْعَزْلُ بِالْكِتَابَةِ. وَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ: إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ، لَمْ يَنْعَزِلْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ قَطْعًا قَاضِيًا كَانَ أَوْ وَكِيلًا، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ.
وَإِنْ كَتَبَ: أَنْتَ مَعْزُولٌ أَوْ عَزَلْتُك، فَالْأَظْهَرُ الْعَزْلُ فِي الْحَالِ فِي الْوَكِيلِ دُونَ الْقَاضِي لِعِظَمِ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ أَقْضِيَتِهِ. وَلَا خِلَافَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ، فِي الْحَالِ. وَإِنْ كَتَبَ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ أَوْ طَالِقٌ، لَمْ يَحْصُلْ الْعَزْلُ وَالطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ، بَلْ بِالْقِرَاءَةِ، فَإِنْ قُرِئَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا - وَهُمَا أُمِّيَّانِ - وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَزْلُ.
وَإِنْ كَانَا قَارِئَيْنِ، فَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ الْقَاضِي ; لِأَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ قِرَاءَتِهَا مَعَ الْإِمْكَانِ، وَقِيلَ: لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي أَيْضًا. وَقِيلَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ كَالْعَزْلِ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ مَنْصِبَ الْقَاضِي يَقْتَضِي الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ دُونَ الْمَرْأَةِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَنْبَغِي لِلْمُجِيزِ فِي الرِّوَايَةِ كِتَابَةً أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالْإِجَازَةِ أَيْضًا، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ مَعَ قَصْدِ الْإِجَازَةِ صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِجَازَةَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ تَصْحِيحُ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الشَّيْخِ - إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا قَرَأَ عَلَيْهِ - جُعِلَتْ إخْبَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ: الظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ: مَنْ كَتَبَ سَلَامًا فِي كِتَابٍ، وَجَبَ عَلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ إذَا بَلَغَهُ الْكِتَابُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَزَادَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ.
[الِاعْتِمَادِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَالْخَطِّ]
الثَّالِثَةُ هَلْ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَالْخَطِّ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute