للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ; فَإِنَّ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الصَّدَاقِ: عَيْنًا كَانَ، أَوْ دَيْنًا. الْأَمْنُ مِنْ تَشَطُّرِهِ بِالْفِرَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمِنْ سُقُوطِهِ كُلِّهِ بِالْفُرْقَةِ مِنْ جِهَتِهَا قَبْلَهُ. وَهَذَا الِاسْتِقْرَارُ يَكُونُ فِي الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ، وَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ، وَجَمِيعُ الدُّيُونِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِهَا وَقَبْضِ الْمُقَابِلِ لَهَا: مُسْتَقِرَّةٌ إلَّا دَيْنًا وَاحِدًا: هُوَ دَيْنُ السَّلَمِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَإِنَّمَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ ; لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَطْرَأَ انْقِطَاعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ.

فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، فَمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ فِي الدُّيُونِ اللَّازِمَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ: الْأَمْنُ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ، بِسَبَبِ تَعَذُّرِ حُصُولِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ ; لِعَدَمِ وُجُودِ جِنْسِهِ: وَامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ. وَذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِدَيْنِ السَّلَمِ: دُونَ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ. وَأَمَّا دَيْنُ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّهُ أُمِنَ فِيهِ الْفَسْخُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ حُصُولُهُ بِانْقِطَاعِ جِنْسِهِ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَكَذَا الْفَسْخُ بِسَبَبِ رَدٍّ بِعَيْبٍ، أَوْ إقَالَةٍ، أَوْ تَحَالُفٍ اهـ.

[الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا وَهُوَ الْغَالِبُ أَوْ لِلْعَيْنِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ الْمِلْكُ: إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا، وَهُوَ الْغَالِبُ. أَوْ لِلْعَيْنِ فَقَطْ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ. وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَمُؤْنَتُهُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَيَصِحُّ لَهُ إعْتَاقُهُ، لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَا كِتَابَتِهِ. وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ خِلَافٌ وَإِمَّا لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، كَمَنَافِعِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا، وَكَالْمُسْتَأْجَرِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ. وَقَدْ يُمْلَكُ الِانْتِفَاعُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُسْتَعِيرِ. وَالْعَبْدِ الَّذِي أُوصِيَ بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ. وَكَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَسُكْنَاهَا.

فَإِنَّ ذَلِكَ إبَاحَةٌ لَهُ، لَا تَمْلِيكٌ وَكَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالرُّبُطِ وَالطَّعَامِ الْمُقَدَّمِ لِلضَّيْفِ وَكُلُّ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ، فَلَهُ الْإِجَارَةُ، وَالْإِعَارَةُ. وَمَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ، فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ قَطْعًا، وَلَا الْإِعَارَةُ فِي الْأَصَحِّ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ: الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ: إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ إكْرَاهٍ، فَإِنَّ مَهْرَهَا لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ مَالِكُ الْبِضْعِ، لَا لِلزَّوْجِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، بَلْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهِ، وَكَذَا الْحُرَّةُ: إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ: مَهْرُهَا لَهَا، لَا لِزَوْجِهَا، فَإِنَّهُ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِبَعْضِهَا دُونَهُ.

<<  <   >  >>