للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ يَنْبَنِي عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مِنْ ذَلِكَ: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَجَمِيعُ أَنْوَاعِ الْخِيَارِ: مِنْ اخْتِلَافِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ، وَالتَّعْزِيرِ، وَإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي، وَغَيْر ذَلِكَ، وَالْحَجْرُ بِأَنْوَاعِهِ، وَالشُّفْعَةُ، لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ. وَالْقِصَاصُ، وَالْحُدُودُ، وَالْكَفَّارَاتُ، وَضَمَانُ الْمُتْلَفِ، وَالْقِسْمَةُ، وَنُصُبُ الْأَئِمَّةِ، وَالْقُضَاةِ، وَدَفْعُ الصَّائِلِ، وَقِتَالُ الْمُشْرِكِينَ، وَالْبُغَاةِ، وَفَسْخُ النِّكَاح بِالْعُيُوبِ، أَوْ الْإِعْسَارِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَهِيَ مَعَ الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مُتَّحِدَةٌ، أَوْ مُتَدَاخِلَةٌ.

[الْقَاعِدَة الْأُولَى الضَّرُورِيَّاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]

وَيَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ الْأُولَى: الضَّرُورِيَّاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ بِشَرْطِ عَدَمِ نُقْصَانِهَا عَنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ، وَالتَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ لِلْإِكْرَاهِ، وَكَذَا إتْلَافُ الْمَالِ، وَأَخْذُ مَالَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْن بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَدَفْعُ الصَّائِلِ وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ عَمَّ الْحَرَامُ قُطْرًا، بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِيهِ حَلَالٌ إلَّا نَادِرًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الضَّرُورَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَرْتَقِي إلَى التَّبَسُّطِ، وَأَكْلِ الْمَلَاذِّ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ يَتَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ صَاحِبِ الْمَالِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

فَأَمَّا عِنْدَ الْيَأْسِ فَالْمَالُ حِينَئِذٍ لِلْمَصَالِحِ ; لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ: مَا جُهِلَ مَالِكُهُ.

وَيَجُوزُ إتْلَافُ شَجَرِ الْكُفَّارِ وَبِنَائِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ، وَالظَّفَرِ بِهِمْ، وَكَذَا الْحَيَوَانُ الَّذِي يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ، وَنَبْشُ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ، أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ فِي أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ. وَغَصْبُ الْخَيْطِ لِخِيَاطَةِ جُرْحِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ.

وَقَوْلنَا: " بِشَرْطِ عَدَمِ نُقْصَانِهَا عَنْهَا " لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ أَعْظَمُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ مُهْجَةِ الْمُضْطَرِّ. وَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ الزِّنَا، فَلَا يُبَاحُ وَاحِدُ مِنْهُمَا بِالْإِكْرَاهِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْمَفْسَدَة الَّتِي تُقَابِلُ حِفْظَ مُهْجَةِ الْمُكْرَهِ، أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا. وَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا تَكْفِينٍ فَلَا يُنْبَشُ، فَإِنَّ مَفْسَدَةَ هَتْكِ حُرْمَتِهِ أَشَدُّ مِنْ عَدَمِ تَكْفِينِهِ الَّذِي قَامَ السَّتْرُ بِالتُّرَابِ مَقَامَهُ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

الثَّانِيَةُ: مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَمِنْ فُرُوعِهِ: الْمُضْطَرُّ: لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَيْتَةِ، إلَّا قَدْرَ سَدِّ الرَّمَقِ وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ، وَاكْتَفَى بِالتَّعْرِيضِ كَقَوْلِهِ: لَا يَصْلُحُ لَكِ. لَمْ يَعْدِلْ إلَى التَّصْرِيحِ، وَيَجُوزُ أَخْذ نَبَاتِ الْحَرَمِ لِعَلَفِ الْبَهَائِمِ. وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ لِبَيْعِهِ لِمَنْ يَعْلِفُ. وَالطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ، فَإِذَا وَصَلَ عُمْرَانُ الْإِسْلَامِ امْتَنَعَ، وَمَنْ مَعَهُ بَقِيَّةٌ رَدَّهَا.

وَيُعْفَى: عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ وَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ. وَيُعْفَى عَنْ

<<  <   >  >>