للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَحْرَمٌ: لَيْسَ لَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الصَّوَابَ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا فِي الْإِمَاءِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا. انْتَهَى كَلَام النَّوَوِيِّ. وَقَدْ اخْتَارَ التَّحْرِيمَ أَيْضًا: السُّبْكِيُّ فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَفِي الْحَلَبِيَّاتِ. وَقَالَ: إنَّ تَأْوِيلَ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا، لَا سِيَّمَا وَالْغُلَامُ فِي اللُّغَةِ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الصَّبِيِّ. وَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ، وَلَمْ يُعْلَمْ بُلُوغُهُ، فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِلْجَوَازِ.

وَلَمْ يَحْصُلْ مَعَ ذَلِكَ خَلْوَةٌ، وَلَا مَعْرِفَةُ مَا حَصَلَ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ نَفْيُ الْبَأْسِ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي عُلِمَتْ حَقِيقَتُهَا. وَلَمْ تَجِد فَاطِمَةُ مَا يَحْصُل بِهِ كَمَالُ السَّتْرِ الَّذِي قَصَدَتْهُ. وَغَايَتُهُ: التَّعْلِيلُ بِاسْمِ الْغُلَامِ، وَهُوَ اسْمٌ لَلصَّبِيِّ، أَوْ مُحْتَمَلٌ لَهُ، وَالِاحْتِمَالُ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يُسْقِطُ الِاسْتِدْلَالَ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَفْتَيْت بِهِ مَرَّاتٍ. وَلَا أَعْتَقِدُ سِوَاهُ.

وَأَمَّا الْخَلْوَةُ، وَالْمُسَافَرَةُ، فَالْعَبْدُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى النَّظَرِ إنْ شَارَكَهُ الْمَحْرَمُ فِيهِ شَارَكَهُ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا. وَيُشَارِكُهُ الزَّوْجُ فِيهِمَا لَا مَحَالَةَ. بَلْ يَزِيدُ فِي النَّظَرِ، وَيُكْتَفَى فِي سَفَرِ حَجِّ الْفَرْضِ بِنِسْوَةٍ ثِقَاتٍ، عَلَى مَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ، فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ وَأَمَّا عَدَمُ نَقْضِ الْوُضُوءِ فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ.

وَمِنْ أَحْكَامِ الْمَحْرَمِ جَوَازُ إعَارَةِ الْأَمَةِ، وَإِجَارَتِهَا، وَرَهْنِهَا عِنْدَهُ، وَإِقْرَاضِهَا.

وَمَنْ اطَّلَعَ إلَى دَارٍ غَيْرِهِ، وَبِهَا مَحْرَمٌ لَهُ، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُسَاكِنَ الرَّجُلُ مُطَلَّقَتَهُ مَعَ مَحْرَمٍ لَهُ، أَوْ لَهَا، وَلَوْ عَاشَرَهَا فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ كَزَوْجٍ مَعَ وُجُودِ مَحْرَمٍ: لَمْ يَمْنَعْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ.

[مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَحْرَمُ النَّسِيبُ مِنْ أَحْكَامٍ]

وَيَخْتَصّ الْمَحْرَمُ النَّسِيبُ بِأَحْكَامٍ مِنْهَا: تَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي قَتْلِهِ خَطَأً، فَلَا تُغَلَّظُ فِي الْمَحْرَمِ بِالرَّضَاعِ، وَالْمُصَاهَرَةِ قَطْعًا، وَلَا فِي الْقَرِيبِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمِنْهَا: يُكْرَهُ قَتْلُهُ فِي جِهَادِ الْكُفَّارِ، وَقِتَال الْبُغَاةُ، وَلِلْجَلَّادِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ ; وَأَمَّا غَيْرُ الْقَرِيبِ مِنْ الْمَحَارِمِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْمَنْعَ مِنْ قِتْلِهِ.

وَمِنْهَا: غُسْلُ الْمَيِّتِ، فَيُقَدَّمُ فِي الْمَرْأَةِ نِسَاءُ الْمَحَارِمِ عَلَى نِسَاءِ الْأَجَانِبِ. وَيَجُوزُ لِرِجَالِ الْمَحَارِمِ التَّغْسِيلُ.

[مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَحَارِم مِنْ أَحْكَامٍ]

وَيَخْتَصُّ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَحَارِم بِأَحْكَامٍ: الْأَوَّل: عَدَمُ الِاجْتِمَاعِ فِي الْمِلْكِ: فَمَنْ مَلَكَ أَبُوهُ، أَوْ أُمُّهُ، أَوْ أَحَد أُصُولِهِ مِنْ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ. مِنْ جِهَةِ الْأَبِ

<<  <   >  >>