يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْأَقَلِّ مَا لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ، بَعْد إشْهَادِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَيِّمِ فِي أَنَّهُ أَشْهَدَهُ ; لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
قَالَ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ ذَلِكَ ثَمَنُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ وَعَامِلَ الْقِرَاضِ وَالْبَائِعُ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا بَاعُوا لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ: أَنَّهُمْ بَاعُوا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ لَنَا، وَإِنْ لَمْ نَجِدْهُ مَنْقُولًا ; لِأَنَّهُمْ مِنَّا. قَالَ: وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ: إنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ وَادَّعَى عَلَى الْقَيِّمِ وَالْوَصِيِّ بَيْعَ الْعَقَارِ بِلَا مَصْلَحَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ; لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يُكَلَّفُ الْقَيِّمُ وَالْوَصِيُّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الَّتِي هِيَ مُسَوِّغَةٌ لِلْبَيْعِ، كَمَا يُكَلَّفُ الْوَكِيلُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ. وَأَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ: فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْبَيْعِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي صِفَتِهِ وَدَعْوَى صِحَّتِهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَهُ اهـ.
تَنْبِيهٌ:
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ: يَصْلُحُ إيرَادُهَا فِي قَاعِدَةِ التَّقْوِيمِ كَمَا صَنَعْنَا، وَفِي قَاعِدَةِ " يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ، مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ "، وَفِي قَاعِدَةِ " تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ " وَفِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ أَيْضًا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَرَهَنَ عَلَيْهِ كَرْمًا وَحَلَّ الدَّيْنُ وَهُوَ غَائِبٌ، وَأَثْبَتَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: الْإِقْرَارَ، وَالرَّهْنَ، وَالْقَبْضَ، وَغِيبَةَ الرَّاهِنِ الْمَدْيُونِ، وَنَدَبَ الْحَاكِمُ مِنْ قَوْمِ الْمَرْهُونِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ قِيمَتَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَأَذِنَ فِي تَعْوِيضِهِ لِلْمُرْتَهِنِ عَنْ دَيْنِهِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعْوِيضِ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَكَانَ يَوْمُ التَّعْوِيضِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ الْأَوَّلِ.
فَأَجَابَ: يَسْتَمِرُّ التَّعْوِيضُ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ مَهْمَا كَانَ التَّقْوِيمُ الْأَوَّلُ مُحْتَمَلًا.
[الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الْمَضْمُونَاتِ]
اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُتْلَفَاتِ ضَمَانُ الْمِثْلِ بِالْمِثْلِ، وَالْمُتَقَوِّمِ بِالْقِيمَةِ، وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ صُوَرٌ تُعْرَفُ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَضْمُونَاتِ أَنْوَاعٌ: الْأَوَّلُ الْغَصْبُ: فَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute