للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَادِسُهَا: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا. فَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ زَيْدًا، أَوْ عَمْرًا، فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ.

سَابِعُهَا: أَنْ يَحْصُلَ بِفِعْلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ التَّخَلُّصُ مِنْ الْمُتَوَعَّدِ بِهِ.

فَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ نَفْسَك ; وَإِلَّا قَتَلْتُكَ، فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ.

وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي، أَوْ كَفَرْت، أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي، أَوْ صَلَاتِي.

وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ.

فَلَوْ نَطَقَ مُعْتَقِدًا بِهَا كَفَرَ، وَلَوْ نَطَقَ غَافِلًا عَنْ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ فَفِي رِدَّتِهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرْتَدٌّ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ يَأْتِي مِثْلُهَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّلَاقِ التَّوْرِيَةُ، بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا عَلَى الْأَصَحِّ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، أَوْ أَكْلِ مُحَرَّمٍ يَجِبُ أَنْ يَتَقَيَّأ إذَا قَدَرَ.

[أَمْرُ السُّلْطَانِ هَلْ يَكُونُ إكْرَاهًا]

؟ اُخْتُلِفَ فِي أَمْرِ السُّلْطَانِ، هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَوْ قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا، وَإِنَّمَا الْإِكْرَاهُ بِالتَّهْدِيدِ صَرِيحًا، كَغَيْرِ السُّلْطَانِ.

وَالثَّانِي: نَعَمْ، لِعِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِهِ السَّطْوَةُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَيَنْتَهِضُ ذَلِكَ شُبْهَةً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ صَرِيحًا وَدَلَالَةً: أَنَّهُ لَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِكْرَاهِ.

قَالَ: وَمِثْلُ السُّلْطَانِ فِي إجْرَاءِ الْخِلَافِ: الزَّعِيمُ، وَالْمُتَغَلِّبُ ; لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خَوْفِ الْمَحْذُورِ مِنْ مُخَالَفَتِهِ.

[حُكْمُ الْحَاكِمِ وَحُكْمُ الشَّرْعِ هَلْ يَنْزِلَانِ مَنْزِلَة الْإِكْرَاهِ]

وَأَمَّا حُكْمُ الْحَاكِمِ وَحُكْمُ الشَّرْعِ فَهَلْ يَنْزِلَانِ مَنْزِلَتَهُ؟ فِيهِ فُرُوعٌ: مِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُهُ، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَأَفْلَسَ. وَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُلَازَمَتِهِ، فَفِيهِ قَوْلَا الْمُكْرَهِ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ: فَوَجَدَهَا حَائِضًا، لَمْ يَحْنَثْ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ.

<<  <   >  >>