تَنْبِيهٌ:
مِنْ الْمُشْكِلِ: قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ: مِنْهَا: " فِي الطَّلَاقِ " يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ: التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانُ.
وَقَالَ فِي الدَّقَائِقِ وَغَيْرِهَا: إنَّ قَوْلَهُ " إلَّا السَّكْرَانُ " زِيَادَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ، لَا بُدَّ مِنْهَا، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، مَعَ أَنَّهُ يَقَعُ طَلَاقُهُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٌ، فَإِنَّ الصَّوَابَ: أَنَّهُ مُكَلَّفٌ.
وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الصَّاحِي فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ قَالُوا: إنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَأَبْطَلُوا تَصَرُّفَاتِهِ مُطْلَقًا، فَخَلَطَ النَّوَوِيُّ طَرِيقَةَ الْفُقَهَاءِ بِطَرِيقَةِ الْأُصُولِيِّينَ، فَإِنَّهُ نَفَى عَنْهُ التَّكْلِيفَ وَمَعَ ذَلِكَ حَكَمَ بِصِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَهُمَا طَرِيقَتَانِ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَرْدُودٌ، بَلْ الْأُصُولِيُّونَ قَالُوا: إنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ مَعَ قَوْلِهِمْ بِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَأَجَابُوا عَنْ نُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ بِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، الَّذِي هُوَ خِطَابُ الْوَضْعِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ.
وَعَنْ ابْن سُرَيْجٍ: أَنَّهُ أَجَابَ بِجَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ سُكْرُهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي دَعْوَى السُّكْرِ لِفِسْقِهِ. أَلْزَمْنَاهُ حُكْمَ أَقْوَالِهِ، وَأَفْعَالِهِ وَطَرَدْنَا مَا لَزِمَهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ.
[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الصَّبِيِّ]
ِّ قَالَ فِي كِفَايَةِ الْمُتَحَفِّظِ: الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ جَنِينٌ، فَإِذَا وَلَدَتْهُ سُمِّيَ صَبِيًّا، فَإِذَا فُطِمَ سُمِّيَ غُلَامًا، إلَى سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ يَصِيرُ يَافِعًا، إلَى عَشْرٍ، ثُمَّ يَصِيرُ حَزْوَرًا، إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ انْتَهَى.
وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَ الصَّبِيَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَهُوَ فِي الْأَحْكَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَا لَا يُلْحَقُ فِيهِ بِالْبَالِغِ، بِلَا خِلَافٍ، وَذَلِكَ فِي التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ: مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَالْحُدُودِ. وَالتَّصَرُّفَاتِ: مِنْ الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، وَالْوِلَايَاتِ. وَمِنْهَا: تَحَمُّلُ الْعَقْلِ.
الثَّانِي: مَا يُلْحَق فِيهِ بِالْبَالِغِ، بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ: مِنْهَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ مِنْهُ، وَبُطْلَانُ عِبَادَتِهِ بِتَعَمُّدِ الْمُبْطِلِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ: فِي الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَصِحَّةُ الْعِبَادَاتِ مِنْهُ، وَتَرَتُّبُ الثَّوَابِ عَلَيْهَا، وَإِمَامَتُهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَوُجُوبِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. .