للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَشْهَدُ لَهُ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، مَعَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ وَلِهَذَا أَيَّدَ الْإِمَامُ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْوُقُوعِ.

الرَّابِعَةُ يُعَبَّرُ عَنْ الْأَصْلِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْمَاضِي فِي الْحَاضِرِ وَأَمَّا اسْتِصْحَابُ الْحَاضِرِ فِي الْمَاضِي فَهُوَ الِاسْتِصْحَابُ الْمَقْلُوبُ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ بِهِ الْأَصْحَابُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَاهُ مُدَّعٍ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ، فَإِنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى ثُبُوتِ الرُّجُوعِ لَهُ عَلَى الْبَائِع، بَلْ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَهَبَ، وَانْتُزِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ لَلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ أَيْضًا، فَهَذَا اسْتِصْحَابُ الْحَالِ فِي الْمَاضِي فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُنْشِئُ الْمِلْكَ وَلَكِنْ تُظْهِرُهُ، وَالْمِلْكُ سَابِقٌ عَلَى إقَامَتِهَا، لَا بُدّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَانٍ لَطِيفٍ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْمُدَّعِي وَلَكِنَّهُمْ اسْتَصْحَبُوا مَقْلُوبًا، وَهُوَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ عَنْهُ فِيمَا مَضَى.

قَالَ ابْنُهُ تَاجُ الدِّينِ: وَقِيلَ بِهِ أَيْضًا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِيمَا إذَا وَجَدْنَا رِكَازًا، وَلَمْ نَدْرِ هَلْ هُوَ جَاهِلِيٌّ أَوْ إسْلَامِيٌّ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ جَاهِلِيٌّ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا، وَهُوَ أَعْوَرُ مَثَلًا فَقَالَ الْغَاصِبُ: هَكَذَا غَصَبْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ فَهَذَا اسْتِصْحَابٌ مَقْلُوبٌ.

وَنَظِيرُهُ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ: كَانَ طَعَامِي جَدِيدًا، وَقَالَ الْغَاصِبُ عَتِيقًا فَالْمُصَدَّقُ الْغَاصِبُ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ]

[أَسْبَابَ التَّخْفِيفِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا]

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْمَشَقَّةُ: تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْله تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] وقَوْله تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَالدَّيْلَمِيِّ، وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ، قَالَ: الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ " «أَيُّ الْإِسْلَامِ» .

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إنَّ أَحَبَّ الدِّينِ إلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» .

وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ «وَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» وَحَدِيثِ «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» .

<<  <   >  >>