للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَضَابِطُ مَنْ يَحْلِفُ أَنَّهُ كُلُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا: كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا أُلْزِمَ بِهِ فَأَنْكَرَ، يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَجَزَمَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ صُوَرٌ: مِنْهَا: الْقَاضِي لَا يَحْلِفُ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ. وَمِنْهَا: الشَّاهِدُ لَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ. وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَا صَبِيٌّ، لَمْ يَحْلِفْ وَيُوقَفُ حَتَّى يَبْلُغَ. وَمِنْهَا: فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمِنْهَا: مُنْكِرٌ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكِيلُ الْحَقِّ. وَمِنْهَا: الْوَصِيُّ. وَمِنْهَا: الْقَيِّمُ. وَمِنْهَا: السَّفِيهُ فِي إتْلَافِ الْمَالِ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَمِنْهَا: مُنْكِرُ الْعِتْقِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَآخَرُ: أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ، فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ ; إذْ لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَمْ يَغْرَمْ.

وَمِنْهَا: إذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الِاسْتِيلَادَ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ فَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ، وَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا: مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا ادَّعَى مُسْقِطًا، لَا يَحْلِفُ وُجُوبًا عَلَى الْأَظْهَرِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَى أُلْزِمَ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا، وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَهُ، لَا يَحْلِفُ الْأَبُ، عَلَى الصَّحِيحِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ انْعَزَلَ عَنْهُ.

[مَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ وَلَا يُمْكِنُ ثُبُوتُهُ بِالْبَيِّنَةِ]

ِ. فِيهِ فُرُوعٌ: مِنْهَا: الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ. يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ دُونَ الْبَيِّنَةِ ; لِعَدَمِ إمْكَانِ اطِّلَاعِهَا عَلَيْهِ. كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُمْكِنُ ثُبُوتُهُ بِالْبَيِّنَةِ، بِأَنْ يَقُولَ: سَحَرْتُهُ بِالنَّوْعِ الْفُلَانِيِّ مِنْ السِّحْرِ فَيَشْهَدُ عَدْلَانِ كَانَا مِنْ أَهْلِ السِّحْرِ ثُمَّ تَابَا: أَنَّ هَذَا النَّوْعَ يَقْتُلُ.

وَمِنْهَا: قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّمَا ثَبَتَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي بِأَنْ شَهِدُوا بِشَيْءٍ يُعْلَمُ خِلَافُهُ، وَلَا تَثْبُتُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ زُورًا.

<<  <   >  >>