للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ وَنَوَى عِتْقه عَنْ الْكَفَّارَةِ، لَا يَقَعُ عَنْهَا ; لِأَنَّ عِتْقَهُ بِالْقَرَابَةِ حُكْمٌ قَهْرِيٌّ وَالْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَتَعَلَّقُ بِإِيقَاعِهِ وَاخْتِيَارِهِ.

وَمَنْ لَمْ يَحُجَّ إذَا أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ أَوْ نَذْرٍ. وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْعِ، وَوُقُوعُهُ عَنْ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ، مُتَعَلِّقٌ بِإِيقَاعِهِ عَنْهُمَا، وَالْأَوَّلُ، أَقْوَى.

وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً مُوَرَّثَةً ثُمَّ قَالَ: إذَا مَاتَ سَيِّدُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَمَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ يَرِثُهُ فَالْأَصَحّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ ; لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُقْتَضِي لِلِانْفِسَاخِ، وَوُقُوع الطَّلَاقِ فِي حَالَة وَاحِدَةٍ. وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْتَنِعٌ فَقُدِّمَ أَقْوَاهُمَا، وَالِانْفِسَاخُ أَقْوَى ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالْقَهْرِ شَرْعًا، وَوُقُوع الطَّلَاق حُكْم تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِهِ، وَالْأَوَّل أَقْوَى.

وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ ; لَمْ يَضُرَّهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ. وَمُقْتَضَى الْعَقْدِ مُسْتَفَادٌ مِنْهُ بِجَعْلِ الشَّارِعِ لَا مِنْ الشَّرْطِ.

تَنْبِيهٌ:

قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: هَذِهِ الْفُرُوعُ تَدُلّ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ خِيَارُ الْمَجْلِس، وَخِيَارُ الشَّرْطِ:

يَكُونُ ابْتِدَاءُ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ التَّفَرُّقِ، وَهُوَ وَجْهٌ. لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّرْطِ.

قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا، عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُ اجْتِمَاعَ عِلَّتَيْنِ.

[الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: مَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ حُرِّمَ اتِّخَاذُهُ]

ُ " وَمِنْ ثَمَّ حُرِّمَ اتِّخَاذُ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَأَوَانِي النَّقْدَيْنِ، وَالْكَلْبُ لِمَنْ لَا يَصِيدُ، وَالْخِنْزِيرُ وَالْفَوَاسِق، وَالْخَمْرُ وَالْحَرِيرُ، وَالْحُلِيّ لِلرَّجُلِ.

وَنُقِضَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِمَسْأَلَةِ الْبَابِ فِي الصُّلْحِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ لَهُ فَتْحَهُ إذَا سَمَّرَهُ.

وَأُجِيبَ عَنْهَا: بِأَنَّ أَهْلَ الدَّرْبِ يَمْنَعُونَهُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، فَإِنْ مَاتُوا فَوَرَثَتُهُمْ.

وَأَمَّا مُتَّخِذُ الْإِنَاءِ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَمْنَعهُ، فَرُبَّمَا جَرَّهُ اتِّخَاذُهُ إلَى اسْتِعْمَالِهِ.

[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَة وَالْعِشْرُونَ: مَا حُرِّمَ أَخْذُهُ حُرِّمَ إعْطَاؤُهُ]

ُ " كَالرِّبَا وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالرِّشْوَةِ، وَأُجْرَةِ النَّائِحَةِ وَالزَّامِرِ.

وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ: مِنْهَا: الرِّشْوَةُ لِلْحَاكِمِ، لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ، وَفَكُّ الْأَسِيرِ وَإِعْطَاءُ شَيْءٍ لِمَنْ يَخَافُ هَجْوُهُ، وَلَوْ خَافَ الْوَصِيُّ أَنْ يَسْتَوْلِيَ غَاصِبٌ عَلَى الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِيُخَلِّصَهُ وَلِلْقَاضِي بَذْلُ الْمَالِ عَلَى التَّوْلِيَةِ، وَيُحَرَّمُ عَلَى السُّلْطَانِ أَخْذُهُ.

<<  <   >  >>