أَمَّا أَوْقَاتُ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَقَالَ الْعَلَائِيُّ: لَمْ أَظْفَرْ بِهَا مَنْقُولَةً، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، بِمَا فِي مُرَاعَاةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ دَائِمًا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَالظَّاهِرُ: جَوَازُ التَّقْلِيدِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدهُ: خَمَّنَ وَأَخَذَ بِالْأَحْوَطِ قُلْت: هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُنْتَهِضٍ ; لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّقْلِيدُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ، فَإِذَنْ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْم سَوَاءٌ، فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ وَهُوَ مُقْتَضَى عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَاَللَّه أَعْلَمُ.
وَمِنْ مَسَائِلِ الْأَعْمَى أَنَّهُ يَجُوز لَهُ وَطْء زَوْجَته اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا. وَفِي جَفْنِهِ: الدِّيَةُ وَيُقْطَع بِهِ جَفْنُ الْبَصِيرِ.
[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْكَافِرِ]
ِ اُخْتُلِفَ: هَلْ الْكُفَّارُ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى مَذَاهِبَ. أَصَحُّهَا: نَعَمْ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُكَلَّفًا بِفِعْلِ الْوَاجِبِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ، وَبِالِاعْتِقَادِ فِي الْمَنْدُوبِ، وَالْمَكْرُوهِ، وَالْمُبَاحِ، وَالثَّانِي: لَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَالثَّالِثُ: مُكَلَّفُونَ بِالنَّوَاهِي، دُونَ الْأَوَامِرِ.
وَالرَّابِعُ: مُكَلَّفُونَ، بِمَا عَدَا الْجِهَادَ، أَمَّا الْجِهَادُ: فَلَا، لِامْتِنَاعِ قِتَالِهِمْ أَنْفُسَهُمْ.
وَالْخَامِسُ: الْمُرْتَدُّ مُكَلَّفٌ دُونَ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ، لَا يَجِب عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ، وَغَيْرُهَا مِنْ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ، وَالصَّحِيحُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ، كَمَا هُوَ مُخَاطَبٌ بِأَصْلِ الْإِيمَانِ وَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا غَيْرُ الْمُرَادِ هُنَاكَ، فَالْمُرَادُ هُنَاكَ أَنَّهُمْ لَا يُطَالَبُونَ بِهَا فِي الدُّنْيَا، مَعَ كُفْرِهِمْ وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْمَاضِي وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعُقُوبَةِ الْآخِرَةِ وَمُرَادُهُمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ: أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ زِيَادَةً عَلَى عَذَابِ الْكُفْرِ، فَيُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا، وَعَلَى الْكُفْرِ جَمِيعًا، لَا عَلَى الْكُفْرِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا، فَذَكَرُوا فِي الْأُصُولِ حُكْمَ طَرَفٍ وَفِي الْفُرُوعِ حُكْمَ الطَّرَفِ الْآخِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute