للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهَا، بَلْ يُعْدَلُ إلَى قِيمَتِهَا، كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا خِلَافُ الْغَاصِبِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ، أَنَّ تَعَدِّيَ الْقَاتِلِ، إنَّمَا هُوَ فِي النَّفْسِ، وَلَيْسَتْ الدِّيَةُ مِثْلَ مَا أَتْلَفَ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْغَصْبِ، فَإِنَّ الْمِثْلِيَّ مِثْلُ مَا تَعَدَّى فِيهِ، فَأَتْلَفَهُ.

قَالَ: فَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً، فَيُحْتَمَلُ الْوُجُوبُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، كَالتَّيَمُّمِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. وَمِنْ نَظَائِرِ هَذِهِ الْفُرُوعِ لَوْ طَلَبَ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، لَمْ يَجِبْ اسْتِئْجَارُهُ ; جَزَمُوا بِهِ. وَمِنْهَا: لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا حُرَّةً، تَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا. جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَوَافَقَهُ آخَرُونَ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ.

وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ: إنْ كَانَتْ زِيَادَةً يُعَدُّ بَذْلُهَا إسْرَافًا: حَلَّتْ الْأَمَةُ، وَإِلَّا فَلَا.

وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ: بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ، وَبِأَنَّ هَذَا النَّاكِحَ لَا يُعَدُّ مَغْبُونًا، وَتُشْبِهُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ.

[مَا يَجِبُ نَقْلُهُ وَمَا لَا يَجِبُ]

وَتُشْبِه هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَا يَجِبُ نَقْلُهُ، وَمَا لَا يَجِبُ وَفِيهِ فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: الْمُسْلَمُ فِيهِ. يَجِبُ نَقْلُهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا. وَفِي ضَبْطِ الْقُرْبِ خِلَافٌ. الْأَصَحُّ: يَجِبُ نَقْلُهُ مِمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالثَّانِي: مِنْ مَسَافَةٍ، لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا بُكْرَةً أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا. هَذَا فِي مَحِلِّ يَجِبُ التَّسْلِيمُ، فَلَوْ طُولِبَ فِي غَيْرِهِ، فَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَالْمَنْعُ إنْ كَانَ.

الثَّانِي: الْقَرْضُ، وَهُوَ كَالسَّلَمِ فِيمَا ذُكِرَ.

الثَّالِثُ: الْغَصْبُ، وَهُوَ كَالسَّلَمِ أَيْضًا، فَيَجِبُ نَقْلُهُ مِمَّا يَنْقُلُ مِنْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَلَوْ طُولِبَ بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْإِتْلَافِ، كُلِّفَ نَقْلَهُ. إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا فَلَا. عَلَى الْأَصَحِّ.

الرَّابِعُ: الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

<<  <   >  >>