بِاللَّفْظِ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ، لَا صُورَةَ اللَّفْظِ، وَإِذَا كَانَ الْمَنْوِيُّ الْمَعْنَى، فَلَا فَرْقَ بَيْن أَنْ يُقَال نَوَى التَّحْرِيمَ، أَوْ نَوَى: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَقَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: وَقَدْ يُقَال: مَنْ نَوَى بِاللَّفْظِ، مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُون تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ لَفْظِهِ، وَإِلَّا فَلَا تَعَلُّقَ لِلَّفْظِ بِالنِّيَّةِ، وَتَصِيرُ النِّيَّةُ مُجَرَّدَةً مَعَ لَفْظٍ غَيْرِ صَالِحٍ، فَلَا تُؤَثِّرُ، وَمَتَى تَجُوزُ بِهِ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْكِنَايَةَ عَنْ الْكِنَايَةِ، فَهِيَ كَالْمَجَازِ عَنْ الْمَجَازِ وَالْمَجَازُ لَا يَكُون لَهُ مَجَازٌ.
وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ كِنَايَةً عَنْ الْكِتَابَةِ.
وَلَوْ كَتَبَ: الطَّلَاقَ فَهُوَ كِنَايَةٌ فَلَوْ كَتَبَ كِنَايَةً مِنْ كِنَايَاتِهِ فَكَمَا لَوْ كَتَبَ الصَّرِيحَ فَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْكِنَايَةِ.
[قَاعِدَةٌ: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ]
ِ وَمِنْ فُرُوع ذَلِكَ الطَّلَاقُ: لَا يَكُونُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَلَا عَكْسَهُ. وَقَوْلُهُ: أَبَحْتُك كَذَا بِأَلْفٍ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبَاحَةِ مَجَّانًا فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ صُوَرٌ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: الْأُولَى: قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ مَعَ أَنَّ التَّحْرِيمَ صَرِيحٌ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ.
الثَّانِيَةُ: الْخُلْعُ. إذَا قُلْنَا: فَسْخٌ، يَكُونُ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ نَفْسَك فَكِنَايَةُ تَنْجِيزِ عِتْقٍ مَعَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّفْوِيضِ.
الرَّابِعَةُ: أَتَى بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ: وَقَالَ: أَرَدْت التَّوْكِيلَ: قُبِلَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. الْخَامِسَةُ: رَاجَعَ بِلَفْظِ التَّزْوِيج أَوْ النِّكَاحِ فَكِنَايَةٌ.
السَّادِسَةُ: قَالَ لِعَبْدِهِ: وَهَبْتُك نَفْسَك فَكِنَايَةُ عِتْقٍ.
السَّابِعَةُ: قَالَ: مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْفَسْخُ: فَسَخْت نِكَاحَكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ فِي الْأَصَحِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute