للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي وَجْهٍ: عَلَى الْوَلِيِّ ; لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَفِي آخَرَ: عَلَيْهِمَا.

وَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ، دُونَ الْإِمَامِ، اُخْتُصَّ بِالْوَلِيِّ عَلَى الصَّحِيحِ لِاجْتِمَاعِ الْعِلْمِ وَالْمُبَاشِرِ. وَفِي وَجْهٍ: بِالْإِمَامِ لِتَقْصِيرِهِ.

وَلَوْ بَاشَرَ الْقَتْلَ جَلَّادُ الْإِمَامِ ; فَإِنْ جَهِلَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِحَالٍ ; لِأَنَّهُ آلَةُ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَمَّا يَأْمُرُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَكَالْوَلِيِّ إنْ عَلِمَ الْإِمَامُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا اُخْتُصَّ بِهِ.

وَلَوْ عَلِمَ الْوَلِيُّ مَعَ الْجَلَّادِ، فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ، حَتَّى إذَا كَانُوا عَالِمِينَ ضَمِنُوا أَثْلَاثًا.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ; لِأَنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا إذَا عَلِمَا، أَوْ جَهِلَا: أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْإِمَامِ خَاصَّةً، فَكَيْف يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ هُنَا؟

قَالَ: قَالَ: فَالصَّوَابُ تَفْرِيعُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا إذَا عَلِمَا، ثُمَّ مِنْ الْمُشْكِلِ: أَنَّهُمَا صَحَّحَا هُنَا اخْتِصَاصَ الضَّمَانِ بِالْإِمَامِ، إذَا عَلِمَ هُوَ وَالْوَلِيّ ; وَصَحَّحَا فِيمَا إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ، وَاقْتَصَّ الْوَلِيّ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، بِأَنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ، بَلْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ.

وَصَحَّحَا فِيمَا إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا وَكَانَ هُوَ وَالْمَأْمُورُ عَالِمَيْنِ اخْتِصَاصَهُ بِالْمَأْمُورِ، إذَا لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ نَظَائِرَ مُخْتَلِفَةٍ.

قَالَ فِي مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ: وَكَأَنَّ الْفَرْقَ: أَنَّ الْإِحَاطَة بِسَبَبِ الْمَنْعِ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْقَتْلِ فِي غَيْرِ مَسْأَلَة الْحَامِلِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَاكِمِ بِهِ بِخِلَافٍ فِيهَا، فَإِنَّ مَنَاطَ الْمَنْعِ فِيهَا الظَّنُّ النَّاشِئُ مِنْ شَهَادَةِ النِّسْوَةِ بِالْحَمْلِ. وَمَنْصِبَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ يَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ، فَإِذَا أَمْكَنَ مِنْ الْقَتْلِ بَعْدَ أَدَائِهَا. آذَنَ ذَلِكَ بِضَعْفِ السَّبَبِ عِنْدَهُ، فَأَثَّرَ فِي ظَنَّ الْوَلِيّ، فَلِذَلِكَ أُحِيلَ الضَّمَانُ عَلَى تَفْرِيطِ الْحَاكِمِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ عِنْدَ رُجُوعِ الْوَلِيّ وَالْقَاضِي، لِعَدَمِ ذَلِكَ فِيهِ. انْتَهَى.

[مَنْ يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْجَهْلِ وَمَنْ لَا يُقْبَلُ]

كُلُّ مَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ غَالِبُ النَّاسِ. لَمْ يُقْبَلْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ: كَتَحْرِيمِ الزِّنَا، وَالْقَتْلِ، وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ، وَالْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ، وَالْقَتْلِ بِالشَّهَادَةِ إذَا رَجَعَا، وَقَالَا تَعَمَّدْنَا، وَلَمْ نَعْلَم أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا. وَوَطْءِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالْمَرْهُونَةِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ قُبِلَ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ.

<<  <   >  >>