وَقِيلَ: بِإِدْرَاكِ مَا يَجِبُ بِهِ آخِرًا.
[الْقَوْلُ فِي التَّحَمُّلِ]
ِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يَدْخُلُ التَّحَمُّلُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَدَاءُ الزَّكَاةِ إلَى الْغَارِمِ. قَالَ: وَهَذَا تَحَمُّلٌ حَقِيقِيٌّ وَارِدٌ عَلَى وُجُوبٍ مُسْتَقِرٍّ.
الثَّانِي: كَفَّارَةُ زَوْجَتِهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي قَوْلٍ: إنَّهَا عَنْهُ وَعَنْهَا الثَّالِثُ: تَحَمُّلُ الدِّيَةِ عَنْ الْعَاقِلَةِ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً أَمْ عَلَى الْجَانِي؟ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ؟ قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
الرَّابِعُ: الْفِطْرَةُ. وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي ابْتِدَاءً أَمْ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْمُؤَدِّي؟ قَوْلَانِ (أَوْ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. قُلْت: وَلِهَذَا الْخِلَافِ نَظَائِرُ: مِنْهَا: الْفَاتِحَةُ هَلْ وَجَبَتْ عَلَى الْمَسْبُوقِ ثُمَّ سَقَطَتْ وَيَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ أَوْ لَمْ تَجِبْ أَصْلًا؟ رَأْيَانِ: أَصَحُّهُمَا: الْأَوْلُ.
وَمِنْهَا: إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ ; لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ، وَهَلْ وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ، أَوْ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
وَمِنْهَا مَنْ عَرَضَ لَهُ الْمَانِعُ، وَقَدْ أَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَهَلْ نَقُولُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ سَقَطَتْ، أَوْ لَمْ تَجِبْ أَصْلًا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ.
وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالثَّانِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ، فَالْوُجُوبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَالِاسْتِقْرَارِ بِالتَّمَكُّنِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ. وَمِنْهَا إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَمْ يَطُفْ لِلْوَدَاعِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَقَطَ الدَّمُ عَلَى الصَّحِيحِ هَذِهِ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ، وَظَاهِرُ السُّقُوطِ: أَنَّهُ وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ، وَنَازَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي كَوْنِهِ وَجَبَ وَكَذَلِكَ فِي نَظِيرِهِ: مِنْ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ إذَا عَادَ.
وَمِنْهَا: إذَا قَتَلَ الْوَالِدُ الْفَرْعَ فَهَلْ يَقُولُ: يَجِبُ الْقِصَاصُ وَيَسْقُطُ أَوْ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَقَالَ: لَا جَدْوَى لِلْخِلَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute