للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فَرْعٌ: فِي اجْتِمَاعِ الْفَضِيلَةِ وَالنَّقِيصَةِ]

فَرْعٌ: وَيَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: مَسَائِلُ اجْتِمَاعِ الْفَضِيلَةِ، وَالنَّقِيصَةِ، فَمِنْهَا: الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ، وَآخِرَهُ بِالْوُضُوءِ، وَالْأَظْهَرُ: اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ إنْ تَيَقَّنَ الْوُضُوءَ، وَالتَّقْدِيمِ إنْ ظَنَّهُ، أَوْ جَوَّزَ وُجُودَهُ، أَوْ تَوَهَّمَهُ.

قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالْخِلَافُ فِيمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ صَلَّى أَوَّلَهُ بِالتَّيَمُّمِ وَآخِرَهُ بِالْوُضُوءِ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ. وَمِنْهَا: الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا، وَآخِرَهُ جَمَاعَةً، وَفِي الْأَفْضَلِ طُرُقٌ.

قَطَعَ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ: بِاسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ وَأَكْثَرُ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِاسْتِحْبَابِ التَّقْدِيمِ. وَقَالَ آخَرُونَ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الْجَمَاعَةَ آخِرَهُ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ «سَتَجِيءُ أَئِمَّةٌ، يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا. قَالَ: فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً» .

قَالَ: فَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ تَيَقَّنَ حُصُولَ الْجَمَاعَةِ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ ; لِتَحْصِيلِ شِعَارِهَا الظَّاهِرِ ; وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.

وَفِي وَجْهٍ: فَرْضُ عَيْنٍ، فَفِي تَحْصِيلِهَا: خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ فَحُشَ التَّأْخِيرُ، فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ. وَإِنْ خَفَّ، فَالِانْتِظَارُ أَفْضَلُ. وَمِنْهَا: الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ عَارِيًّا، أَوْ قَاعِدًا، وَآخِرَهُ مَسْتُورًا، أَوْ قَائِمًا. وَفِيهَا الْخِلَافُ فِي الْمُتَيَمِّمِ.

وَمِنْهَا: الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَاصِرًا، وَآخِرَهُ مُقِيمًا، يُصَلِّي قَاصِرًا بِلَا خِلَافٍ. نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ إنْ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ، فَإِدْرَاكُهَا أَوْلَى مِنْ الِانْحِبَاسِ لَإِكْمَالِهِ نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَقَالَ: فِيهِ نَظَرٌ. وَمِنْهَا: لَوْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ إنْ مَشَى إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَمْ أَرَ فِيهِ لِأَصْحَابِنَا، وَلَا لِغَيْرِهِمْ شَيْئًا.

وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ إنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ حَافَظَ عَلَيْهَا، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ غَيْرِهَا مَشَى إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَمْرِ بِإِتْمَامِهِ وَالِازْدِحَامِ عَلَيْهِ.

<<  <   >  >>