وَأَمَّا إيقَاظُ النَّائِمِ الَّذِي لَمْ يُصَلِّ، فَالْأَوَّلُ - وَهُوَ الَّذِي نَامَ بَعْدَ الْوُجُوبِ - يَجِبُ إيقَاظُهُ مِنْ بَابِ النَّهْي عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَأَمَّا الَّذِي نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا ; لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ، لَكِنْ إذَا لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَالْأَوْلَى إيقَاظُهُ ; لِيَنَالَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
[الْقَوْلُ فِي تَكْلِيف السَّكْرَانِ]
الْقَوْلُ فِي السَّكْرَانِ " اُخْتُلِفَ فِي تَكْلِيفِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ " وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ: أَنَّهُ مُكَلَّفٌ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ أَرْبَعُ طُرُقٍ أَصَحُّهَا: أَنَّهُمَا جَارِيَانِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ كُلِّهَا، مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا فِي أَقْوَالِهِ كُلِّهَا، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا أَفْعَالُهُ: كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَغَيْرِهَا، فَكَأَفْعَالِ الصَّاحِي بِلَا خِلَافٍ لِقُوَّةِ الْأَفْعَالِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْجِنَايَاتِ.
وَأَمَّا بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ، فَلَا يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ وَالْعِلْمُ شَرْطٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُمَا فِيمَا لَهُ، كَالنِّكَاحِ وَالْإِسْلَامِ، أَمَّا مَا عَلَيْهِ كَالْإِقْرَارِ وَالطَّلَاقِ وَالضَّمَانِ، فَيَنْفُذُ قَطْعًا تَغْلِيظًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مِنْ وَجْهٍ، وَعَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ نَفَذَ تَغْلِيبًا بِطَرِيقِ التَّغْلِيظِ، هَذَا مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَدْ اغْتَرَّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلِ: السَّكْرَانُ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ كَالصَّاحِي، إلَّا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَالصَّوَابُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْإِسْلَامُ، أَمَّا الْعِبَادَاتُ، فَلَيْسَ فِيهَا كَالصَّاحِي كَمَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ ; فَمِنْهَا الْأَذَانُ، فَلَا يَصِحُّ أَذَانُهُ عَلَى الصَّحِيحِ ; كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّ كَلَامَهُ لَغْوٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، قَالَ: أَمَّا مَنْ هُوَ فِي أَوَّلِ النَّشْوَةِ، فَيَصِحُّ أَذَانُهُ بِلَا خِلَافٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute