للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهُمْ مُعَيَّنُونَ وَأَنْكَرُوا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ: الْحَقُّ تَقْيِيدُ الْمَقْدِسِيِّ وَلَهُ حَاصِلٌ، فَلَيْسَ كُلُّ نَاظِرٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَزْلِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ وَظَائِفهمْ مِنْ غَيْرِ إبْدَاء مُسْتَنَدٍ فِي ذَلِكَ إذَا نَازَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ، فَإِنَّ عَدَالَتَهُ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً، فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ لَهُ الْخَلَلُ، وَعِلْمُهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا بِظَنِّ مَا لَيْسَ بِقَادِحٍ قَادِحًا، بِخِلَافِ مَنْ تَمَكَّنَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَكَانَ فِيهِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يَكْفِي فِي مُطْلَقِ النُّظَّارِ: مِنْ تَمْيِيزٍ بَيْنَ مَا يُقْدَحُ وَمَا لَا يُقْدَحُ، وَمِنْ وَرَعٍ وَتَقْوَى يَحُولَانِ بَيْنه وَبَيْنُ مُتَابَعَةِ الْهَوَى.

وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ، مَعَ فَتْوَاهُ بِمَا تَقَدَّمَ: إنْ عَزْلُ النَّاظِرِ لِلْمُدَرِّسِ وَغَيْرِهِ تَهَوُّرًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ تُسَوِّغُ: لَا يَنْفُذُ. وَيَكُونُ قَادِحًا فِي نَظَرِهِ، فَيُحْمَل كُلٌّ مِنْ جَوَابَيْهِ عَلَى حَالَةٍ انْتَهَى. هَذَا حُكْمُ وِلَايَاتِ الْوَقْفِ.

وَأَمَّا أَصْلُ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ الْوَاقِفِ، وَمِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا، إذَا قَبِلَ. حَيْثُ شَرَطْنَا الْقَبُولَ، فَلَوْ رَدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ. لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ، وَلَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ. وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِابْنِ السُّبْكِيّ: كَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ شَخْصًا يُقِرُّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ، أَوْ أَنَّ زَيْدًا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ دُونَهُ، وَيَخْرُجُ شَرْطُ الْوَاقِفِ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ، مُقْتَضِيًا لِاسْتِحْقَاقِهِ، فَيَظُنُّ بَعْضُ الْأَغْنِيَاءِ أَنَّ الْمُقِرَّ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ، سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَكَذَبَ فِي إقْرَارِهِ، أَمْ لَمْ يَعْلَمْ. فَإِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لَهُ لَا يَنْتَقِلُ بِكَذِبِهِ.

ضَابِطٌ:

لَيْسَ لَنَا فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِقْرَارٍ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَّا الْبَيْعُ، وَالسَّلَمُ، وَالْإِجَارَةُ وَالْمُسَابَقَةُ، وَالصَّدَاقُ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ.

[مِنْ الْعُقُودِ مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا]

تَقْسِيمٌ ثَالِثٌ مِنْ الْعُقُودِ مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ لَفْظًا. وَمِنْهَا: مَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا. وَمِنْهَا: مَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ لَفْظًا، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا. بَلْ يَكْفِي الْفِعْلُ. وَمِنْهَا: مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ أَصْلًا، بَلْ شَرْطُهُ: عَدَمُ الرَّدِّ وَمِنْهَا: مَا لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ، فَالْأَوَّلُ مِنْهُ: الْهَدِيَّةُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا، بَلْ يَكْفِي

<<  <   >  >>