للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَبْعَةً وَعِشْرُونَ، وَلَا يَسْتَمِرُّ هَذَا الْحُكْمُ فِي أَعْقَابِهِمَا، بَلْ كُلُّ وَقْتٍ بِحَسْبِهِ.

قَالَ: وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ عَبْدَ الْقَادِر لَمَّا تُوُفِّيَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَة وَهُمْ: عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَلَطِيفَةُ: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] : لِعَلِيٍّ: خُمُسَاهُ، وَلِعُمَرَ: خُمُسَاهُ، وَلِلَطِيفَةَ خُمُسُهُ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَنَا.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يُشَارِكهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَن، وَمَلِكَةُ " وَلَدَا مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَنَزَلَا مَنْزِلَةَ أَبِيهِمَا " فَيَكُونُ لَهُمَا: السُّبُعَانِ. وَلِعَلِيٍّ: السُّبُعَانِ. وَلِعُمَرَ السُّبُعَانِ، وَلِلَطِيفَةَ سُبُعٌ.

وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا، فَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْدَنَا ; لِأَنَّ الْمُمْكِنَ فِي مَأْخَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ: أَنْ لَا يُحْرَمَ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ إذَا لَمْ يَدُلُّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ، لَا يُعْتَبَرُ.

الثَّانِي: إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ، وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ بَيْنِ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ، لَا بَيْن الطَّبَقَتَيْنِ جَمِيعًا. وَهَذَا مُحْتَمَلٌ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

وَقَدْ كُنْتُ مِلْت إلَيْهِ مَرَّةً فِي وَقْفٍ، لِلَفْظٍ اقْتَضَاهُ فِيهِ، لَسْت أَعُمُّهُ فِي كُلّ تَرْتِيبٍ.

الثَّالِثُ: الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ " إنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْل اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ، قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ " وَهَذَا أَقْوَى. لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ صَدَقَ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ: أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ.

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَانَ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي الشَّامِ قَبْل التِّسْعِينَ وَسِتِّمِائَةِ، وَطَلَبُوا فِيهَا نَقْلًا. فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأَرْسَلُوا إلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا.

وَلَا أَدْرِي مَا أَجَابُوهُمْ. لَكِنِّي رَأَيْت بَعْد ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ: فِيمَا إذَا وُقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ. عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ. وَمَنْ مَاتَ، وَلَا وَلَدَ لَهُ، انْتَقَلَ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ، فَإِذَا مَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ، وَابْنِ أَخِيهِ ; لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ.

فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي: أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْد مَوْتِ وَالِدِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ عَبْدَ الْقَادِرِ، الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَهْلِ الْوَقْفِ، إذَا آلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ.

قَالَ: وَمِمَّا يُتَنَبَّهُ لَهُ أَنَّ بَيْنَ " أَهْلِ الْوَقْفِ " وَ " الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ " عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْه، فَإِذَا وُقِفَ مَثَلًا عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو، ثُمَّ أَوْلَادِهِ، فَعَمْرٌو مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ. وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ. وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، حَتَّى يُوجَدَ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ، وَهُوَ مَوْتُ زَيْدٍ. وَأَوْلَادُهُ إذَا آلَ إلَيْهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَلَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ

<<  <   >  >>