وَلَدٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ " فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَهُ التَّرْتِيبَ فِي الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ ; لِأَنَّ ذَاكَ عَامٌّ، خَصَّصَهُ هَذَا. كَمَا خَصَّصَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ " عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ " إلَى آخِره.
وَأَيْضًا: فَإِنَّا إذَا عَمِلْنَا بِعُمُومِ اشْتِرَاط التَّرْتِيب لَزِمَ مِنْهُ إلْغَاء هَذَا الْكَلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَأَنْ لَا يَعْمَلَ فِي صُورَةٍ ; لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: إنَّمَا اسْتَحَقَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ لَمَّا اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ " عَادَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ " فَبَقِيَ قَوْلُهُ " وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ إلَخْ " مُهْمَلًا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي صُورَةٍ. بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْمَلْنَاهُ، وَخَصَّصْنَا بِهِ عُمُومَ التَّرْتِيبِ، فَإِنَّ فِيهِ إعْمَالًا لِلْكَلَامَيْنِ، وَجَمْعًا بَيْنَهُمَا وَهَذَا أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ.
وَحِينَئِذٍ، فَنَقُولُ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الْقَادِر قُسِمَ نَصِيبُهُ بَيْن أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَة، وَوَلَدَيْ وَلَدِهِ أَسْبَاعًا: لِعَبْدِ الرَّحْمَن وَمَلِكَةَ: السُّبُعَانِ أَثْلَاثًا، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ، عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ، انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخَوَيْهِ وَوَلَدَيْ أَخِيهِ، فَيَصِيرُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِر كُلُّهُمْ بَيْنَهُمْ. لِعَلِيٍّ: خُمُسَانِ وَلِلَطِيفَةَ: خُمُسٌ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَلِكَةَ خُمُسَانِ، أَثْلَاثًا. وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ لَطِيفَة انْتَقَلَ نَصِيبُهَا بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهَا فَاطِمَةَ وَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةَ وَالْبَاقُونَ فِي دَرَجَتِهَا زَيْنَبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ. قُسِمَ نَصِيبُهَا بَيْنَهُمْ " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " اعْتِبَارًا بِهِمْ، لَا بِأُصُولِهِمْ. لَمَّا ذَكَر السُّبْكِيُّ: لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: نِصْفٌ وَلِكُلِّ بِنْتٍ رُبْعٌ، فَاجْتَمَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَوْتِ عُمَرَ: خُمُسٌ وَثُلُثٌ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ: نِصْفُ خُمُسٍ. وَلِمَلِكَةِ، بِمَوْتِ عُمَرَ: ثُلُثَا خُمُسٍ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ: رُبْعُ خُمُسٍ. وَلِزَيْنَبِ بِمَوْتِ عَلِيٍّ: خُمُسَانِ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَة: رُبْع خُمُسٍ، فَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِر سِتِّينَ جُزْءًا. لِزَيْنَبِ: سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ خُمُسَانِ وَرُبْعُ خُمُسٍ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَن: اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ خُمُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ. وَلِمَلَكَةَ: أَحَدَ عَشَرَ، وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعٌ.
فَصَحَّتْ مِمَّا قَالَهُ السُّبْكِيّ، لَكِنَّ الْفَرْقَ تَقَدُّمُ اسْتِحْقَاقِ عَبْد الرَّحْمَن، وَمَلِكَةَ. وَالْجَزْمُ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِسْمَة، وَالسُّبْكِيُّ تَرَدَّدَ فِيهَا، وَجَعَلَهَا مِنْ بَابِ قِسْمَة الْمَشْكُوكِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَنَحْنُ لَا نَتَرَدَّدُ فِي ذَلِكَ.
وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا: عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى حَمْزَة، ثُمَّ أَوْلَاده، ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ إخْوَتِهِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ. لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ، وَلَهُ وَلَدٌ، اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقّهُ الْمُتَوَفَّى، لَوْ كَانَ حَيًّا.
فَمَاتَ حَمْزَةُ، وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ، وَهُمَا عِمَادُ الدِّين، وَخَدِيجَةُ. وَوَلَدَ وَلَدٍ، مَاتَ أَبُوهُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ، وَهُوَ: نَجْمُ الدِّينِ بْنُ مُؤَيِّدِ الدِّينِ بْنِ حَمْزَةَ، فَأَخَذَ الْوَالِدَانِ نَصِيبَهُمَا، وَوَلَدُ الْوَلَدِ: النَّصِيبَ الَّذِي لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا لَأَخَذَهُ، ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ، فَهَلْ يَخْتَصُّ أَخُوهَا بِالْبَاقِي، أَوْ يُشَارِكُهُ وَلَدُ أَخِيهِ نَجْمُ الدِّينِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute