الثَّانِي: السُّتْرَةُ، كَذَلِكَ.
الثَّالِثُ: الزَّكَاةُ، وَفِيهَا أَقْوَالٌ. أَصَحُّهَا: لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا ; لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، وَالدَّيْنُ بِالذِّمَّةِ، فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كَالدَّيْنِ، وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ.
وَالثَّانِي: يَمْنَعُ ; لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لِتَسَلُّطِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَخْذِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ.
فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى الْمَدْيُونِ أَيْضًا، لَزِمَ مِنْهُ تَثْنِيَةُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْوَاحِدِ.
وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ، وَهِيَ: النَّقْدُ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، دُونَ الظَّاهِرَةِ. وَهِيَ: الزُّرُوعُ. وَالثِّمَارُ. وَالْمَوَاشِي. وَالْمَعَادِنُ ; لِأَنَّهَا تَامَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِهِ، لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ. كَالزَّكَاةِ السَّابِقَةِ، وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ. الرَّابِعُ: زَكَاةُ الْفِطْرِ.
نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَهَا، كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى صَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ تَمْنَعُهُ. قَالَ: وَلَوْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ، كَمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا كَانَ مُبْعِدًا. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ: مَنْعَ الْوُجُوبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْكَبِيرِ.
الْخَامِسُ: الْحَجُّ يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ حَالًّا. كَانَ، أَوْ مُؤَجَّلًا. وَفِي وَجْهٍ: إنْ كَانَ الْأَجَلُ يَنْقَضِي بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ الْحَجِّ. لَزِمَهُ، وَهُوَ شَاذٌّ. السَّادِسُ: الْكَفَّارَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِعْتَاقِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، إلَّا أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ فِي الْقُوتِ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْحَجِّ. السَّابِعُ: الْعَقْلُ، وَيَمْنَعُ تَحَمُّلَهُ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ. الثَّامِنُ: نَفَقَةُ الْقَرِيبِ.
التَّاسِعُ: سِرَايَةُ الْإِعْتَاقِ، لَا يَمْنَعُهَا الدَّيْنُ فِي الْأَظْهَرِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قِيمَةُ الْبَاقِي، قُوِّمَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ نَافِذٌ تَصَرُّفُهُ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ.
وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوسِرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute