للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ شِرَاءَهُ بِقِيمَتِهِ فِي الْحَالِ، لَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَإِنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ حَالَةَ التَّقْوِيمِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ الدَّارِمِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ، عَنْ الْأَكْثَرِينَ.

قَالَ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ بَنَاهُ قَائِلُوهُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ: وَالثَّانِي أَيْضًا لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ: وَعَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِينَ: الْأَقْرَبُ، أَنْ يُقَالَ. لَا يُعْتَبَرُ ثَمَنُ الْمَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ، وَرُبَّمَا رُغِبَ فِي الشَّرْبَةِ حِينَئِذٍ بِدَنَانِيرَ، وَيَبْعُدُ فِي الرُّخْصُ.

وَالتَّحْقِيقَاتُ: أَنْ يُوجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَلَكِنْ يُعْتَبَرُ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَمْرِ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي الْحَجُّ جَزَمَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ لِلزَّادِ وَالْمَاءِ: الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ. هَكَذَا: أَطْلَقَهُ عَنْهُمْ الشَّيْخَانِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذَا الْإِطْلَاقُ إنَّمَا يَسْتَمِرُّ فِي الزَّادِ. أَمَّا الْمَاءُ: فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّيَمُّمِ فِيهِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجْرِيَ الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِقِيمَةِ الْمَاءِ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ فِيهِ، وَإِنَّمَا جَرَى فِي التَّيَمُّمِ لِتَكَرُّرِهِ.

وَفِي الْوَافِي: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِمَا جَرَتْ بِهِ غَالِبُ الْعَادَةِ مِنْ مَاضِي السِّنِينَ، فَإِنْ وُجِدَ بِمِثْلِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ عَرَضَ فِي الطَّرِيقِ غَلَاءٌ، وَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ: غَلَاءُ ثَمَنِ الْمَاءِ وَالزَّادِ، فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ سَنَةٍ تُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا، لَكِنْ يَعْسُرُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ إلَى الْمَنْهَلِ.

الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ. الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ حَالَ الْمَخْمَصَةِ. وَثَمَنُ الْمِثْلِ فِيهِ: هُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ قَطْعًا، وَكَذَا ثَمَنُ مِثْلِ

<<  <   >  >>