للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهِ الْعَادَةَ، وَمِمَّنْ اخْتَارَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا.

وَالْمُصَحَّحُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ الْأَوَّلُ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ لِذَلِكَ. وَنَظِيرُهُ: الْمَعْذُورُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى، لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَلَوْلَا أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْحَاضِرِ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حُصُولُ الْأَجْرِ لَهُ بِلَا شَكٍّ.

وَخَرَجَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْوَاقِف لَوْ شَرَطَ الْمَبِيتَ فِي خَانِقَاه، مَثَلًا، فَبَاتَ مَنْ شَرَطَ مَبِيتَهُ خَارِجَهَا لِعُذْرٍ: مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ نَحْوِهَا لَا يَسْقُطُ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْءٌ ذَكَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْحَسَنِ لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ.

وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ: مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ لَمْ يَبْطُل حَقّه مِنْ الْإِسْهَام لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ أَمْ لَا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَنْ تَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ لِيَسْتَنْجِدَ بِهَا يُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمُوهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ.

فَرْع:

ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ: أَنَّهُ إذَا وَطِئَ امْرَأَتَيْنِ وَاغْتَسَلَ، عَنْ الْجَنَابَةِ، وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ عَنْ الثَّانِيَةِ لَمْ يَحْنَثْ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَائِلِ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ عَنْك. سَأَلْنَاهُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت لَا أُجَامِعُكِ فَمُولٍ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الِامْتِنَاعَ مِنْ الْغُسْلِ، أَوْ أَنِّي أُقَدِّمُ عَلَى وَطْئِهَا وَطْءَ غَيْرِهَا فَيَكُونُ الْغُسْلُ عَنْ الْأُولَى بِحُصُولِ الْجَنَابَةِ بِهَا قَبْلُ، وَلَا يَكُونُ مُولِيًا.

وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ لِلسِّنْجِيِّ: لَوْ أَجْنَبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ حَاضَتْ وَاغْتَسَلَتْ، وَكَانَتْ حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ عَنْ الْجَنَابَةِ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَنَا بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَتْ الِاغْتِسَالَ، عَنْهُمَا تَكُونُ مُغْتَسِلَةً عَنْهُمَا وَتَحْنَثُ، وَإِنْ نَوَتْ عَنْ الْحَيْضِ وَحْدَهُ لَمْ تَحْنَث لِأَنَّهَا لَمْ تَغْتَسِلْ عَنْ الْجَنَابَة، وَإِنْ كَانَ غُسْلُهَا مُجْزِيًا عَنْهُمَا مَعًا.

فَرْع:

تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ: أَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقَصْدُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِ غَيْرِهِمَا، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ:

مِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت: الْجَوَابَ، أَوْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الِابْتِدَاءَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.

وَمِنْهَا: الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ: هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، أَوْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، عِبَارَتَانِ لِلرَّافِعِيِّ، ذَكَرَ الْأُولَى فِي الرَّهْنِ، وَالثَّانِيَةَ فِي الْغَصْبِ، فَلَوْ عُصِرَتْ بِلَا قَصْدٍ، فَمُحْتَرَمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ، دُونَ الْأُولَى.

وَمِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ التَّرْتِيبُ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ التَّنْكِيسِ؟ وَجْهَانِ: الْأَصَحُّ: الْأَوَّلُ: فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ مَعًا صَحَّ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

وَمِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالنَّذْرِ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ تَقْدِيمِ النَّذْرِ خِلَافُ. الْأَصَحُّ الثَّانِي، فَلَوْ اسْتَنَابَ الْمَعْضُوبُ رَجُلَيْنِ، فَحَجَّا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، صَحَّ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

<<  <   >  >>