وَمِنْهَا: قَوْلُ الْحَاكِمِ بَعْدَ عَزْلِهِ: أَشْهَدُ أَنِّي حَكَمْت بِكَذَا، وَفِيهِ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ عَدَمُ الْقَبُولِ. وَمِنْهَا: الْقَسَّامُ إذَا قَسَّمُوا ثُمَّ شَهِدُوا لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ عَلَى بَعْضِ أَنَّهُمْ قَسَّمُوا بَيْنَهُمْ وَاسْتَوْفَوْا حُقُوقَهُمْ بِالْقِسْمَةِ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْقَبُولِ أَيْضًا.
وَمِنْهَا: لَوْ شَهِدَ الْأَبُ وَآخَرُ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ، وَهِيَ تُنْكِرُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. وَقَدْ فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْن مَسْأَلَةِ الْمُرْضِعَةِ وَمَسْأَلَةِ الْحَاكِمِ وَالْقَاسِمِ، بِأَنَّ فِعْلَ الْمُرْضِعَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ وُصُولُ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ وَالْقَاسِمُ فَفِعْلُهُمَا مَقْصُودٌ وَيُزَكِّيَانِ أَنْفُسَهُمَا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَالَتُهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَزِيَادَةٌ أُخْرَى فِي شَرْحِ كَوْنِ فِعْلِ الْحَاكِمِ وَالْقَاسِمِ مَقْصُودًا أَنَّهُ إنْشَاءٌ يُحْدِثُ حُكْمًا لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إلْزَامٌ وَيَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَقِيمَةُ الْقَاسِمِ تُمَيِّزُ الْحِينَ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ حَدَثَتْ مِنْ فِعْلِهِمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلُهُمَا، وَأَمَّا فِعْلُ الْمُرْضِعَةِ فَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ بَلْ فِعْلٌ مَحْسُوسٌ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمُ الرَّضَاع مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلُهُمَا، بَلْ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَصْلًا بَلْ عَلَى مَا بَعْدَهُ وَهُوَ وُصُولُ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ حَتَّى لَوْ وَصَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، فَبَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَالْحَاكِمِ وَالْقَاسِمِ.
قَالَ: وَاَلَّذِي يُشْبِهُ فِعْلَ الْحَاكِمِ وَالْقَاسِمِ، تَزْوِيجُ الْأَبِ فَإِنَّهُ إنْشَاءٌ لِعَقْدِ النِّكَاحِ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ: فَإِذَا شَهِدَ بِهِ كَانَ كَشَهَادَةِ الْحَاكِمِ وَالْقَاسِمِ سَوَاءٌ. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي بَيْعِ دَارِهِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْبَيْعُ، ثُمَّ عَزَلَهُ ثُمَّ شَهِدَ مَعَ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ الْعَزْلِ. يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْحَاكِمِ وَلَمْ أَرَهَا مَنْقُولَةً.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ: حُكْمَ إقْرَارِهِ، وَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا حُكْمَ شَهَادَتِهِ، انْتَهَى كَلَامُ السُّبْكِيّ. وَمِنْهَا: الشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَا، قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ يَقُولُ " أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت فُلَانَيْنِ فُلَانٌ زَنَى بِفُلَانَةَ، وَغَيَّبَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا ".
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَرْحِ: يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِسَبَبِ رُؤْيَةِ الْجَرْحِ أَوْ سَمَاعِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: " رَأَيْتُهُ يَزْنِي " وَ " سَمِعْتُهُ يَقْذِفُ " وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الِاتِّفَاق عَلَى قَبُولِ هَذِهِ الصِّيغَةِ فِي الْجَرْحِ.
وَمِنْهَا: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ: إذَا تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ وَلَا حُضُورٍ عِنْدَهُ قَالَ فِي شَهَادَتِهِ " أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ يُقِرُّ بِكَذَا " وَلَا يَقُولُ " أَقَرَّ عِنْدِي "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute