للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّكْرَارِ بِنَاءً عَلَى النَّهْيِ وَلَا يَدْخُلُهُ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ بِنَاءً عَلَى الْخَبَرِ اللَّازِمِ بَلْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً فَقَطْ وَكَذَلِكَ النَّهْيُ يَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِتَرْكِهِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفِعْلِ وَلَا يُقَالُ هُوَ لِلْوُجُوبِ وَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَمْرِ وَلَا يَدْخُلُهُ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ بِنَاءً عَلَى الْخَبَرِ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ الطَّلَاقُ تَحْرِيمٌ وَيَلْزَمُهُ وُجُوبُ التَّرْكِ وَالْعِتْقُ قُرْبَةٌ وَيَلْزَمُهُ التَّحْرِيمُ فَلَا تُعْتَبَرُ اللَّوَازِمُ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْحَقَائِقُ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ وَبِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالْمَبَاحِثِ يُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ وَعَلَيْهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَتَأَمَّلْهُ فِي مَوَاطِنِهِ وَلَا أُطَوِّلُ بِذِكْرِهَا بَلْ يَكْفِي مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

لِلتَّكْرَارِ بِنَاءً عَلَى النَّهْيِ وَلَا يَدْخُلُهُ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ بِنَاءً عَلَى الْخَبَرِ اللَّازِمِ بَلْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً فَقَطْ وَكَذَلِكَ النَّهْيُ يَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِتَرْكِهِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفِعْلِ وَلَا يُقَالُ هُوَ لِلْوُجُوبِ وَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَمْرِ وَلَا يَدْخُلُهُ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ بِنَاءً عَلَى الْخَبَرِ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ الطَّلَاقُ تَحْرِيمٌ وَيَلْزَمُهُ وُجُوبُ التَّرْكِ وَالْعِتْقُ قُرْبَةٌ وَيَلْزَمُهُ التَّحْرِيمُ فَلَا تُعْتَبَرُ اللَّوَازِمُ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْحَقَائِقُ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ وَبِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالْمَبَاحِثِ يَتَّجِهُ الْفَرْقُ بَيْنَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ وَعَلَيْهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَتَأَمَّلْهُ فِي مَوَاطِنِهِ وَلَا أُطَوِّلُ بِذِكْرِهَا بَلْ يَكْفِي مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ) قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُهُ مَا مِنْ أَمْرٍ إلَّا وَيَلْزَمُهُ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِهِ فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ عَنْ الْعِقَابِ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ بِالتَّقْدِيرِ مَا يَرْجِعُ إلَى الْبَارِي تَعَالَى أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَيْنَا فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ تَقْدِيرُ أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يُقَالُ ذَلِكَ فِي حَقِّنَا بَلْ لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ إلَّا الْعِلْمُ بِوُجُودِ ذَلِكَ الْأَمْرِ أَوْ بِعَدَمِهِ وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي فَهُوَ مُحَالٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ قِيَامِ ذَلِكَ الْخَبَرِ بِذَاتِهِ تَعَالَى تَقْدِيرَنَا نَحْنُ ذَلِكَ الْأَمْرَ وَتَقْدِيرُنَا حَادِثٌ فَيَلْزَمُ حُدُوثُ ذَلِكَ الْخَبَرِ لِضَرُورَةِ سَبْقِ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ أَوْ مَعِيَّتِه.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ الطَّلَاقُ تَحْرِيمٌ وَيَلْزَمُهُ وُجُوبُ التَّرْكِ وَالْعِتْقُ قُرْبَةٌ وَيَلْزَمُهُ التَّحْرِيمُ فَلَا تُعْتَبَرُ اللَّوَازِمُ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْحَقَائِقُ مِنْ حَيْثُ هِيَ قُلْتُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ الطَّلَاقُ تَحْرِيمًا أَمَّا طَلَاقُ السُّنَّةِ فَلَيْسَ تَحْرِيمًا وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا هُوَ الْمُؤَبَّدُ أَمَّا غَيْرُ الْمُؤَبَّدِ فَلَا وَنَقُولُ: لَيْسَ الطَّلَاقُ بِنَفْسِهِ تَحْرِيمًا وَلَكِنَّ الطَّلَاقَ حَلٌّ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَحَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ يَسْتَلْزِمُ صَيْرُورَةَ الزَّوْجَةِ أَجْنَبِيَّةً وَصَيْرُورَتُهَا أَجْنَبِيَّةً يَسْتَلْزِمُ تَحْرِيمَهَا كَمَا أَنَّ الْعِتْقَ رَفْعُ الْمِلْكِ عَنْ الْمَمْلُوكَةِ وَرَفْعُ الْمِلْكِ يُصَيِّرُهَا أَجْنَبِيَّةً مَالِكَةً لِنَفْسِهَا وَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ تَحْرِيمُهَا فَلَا فَرْقَ وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُهُ فِي هَذَا الْفَرْق لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا الْوَاضِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

لَمْ يَفْسُقْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ إذَا فُرِضَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُمَا مَا يَقْتَضِي التَّأَذِّي الْعَظِيمَ لِغِنَاهُمَا مَثَلًا لَمْ يَكُنْ كَبِيرَةً فَأَوْلَى بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَمْ يَقْطَعْ عَنْ قَرِيبِهِ مَا أَلِفَهُ مِنْ الْإِحْسَانِ لَكِنَّهُ فَعَلَ مَعَهُ مُحَرَّمًا صَغِيرَةً أَوْ قَطَّبَ فِي وَجْهِهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ إلَيْهِ فِي مَلَأٍ وَلَا عَبَأَ بِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِسْقًا بِخِلَافِهِ مَعَ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّ تَأَكُّدَ حَقِّهِمَا اقْتَضَى أَنْ يَتَمَيَّزَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ بِمَا لَا يُوجَدُ نَظِيرُهُ فِيهِمْ وَعَلَى هَذَا الضَّابِطِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِحْسَانُ الَّذِي أَلِفَهُ مِنْهُ قَرِيبٌ مَالًا أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُرَاسَلَةً أَوْ زِيَادَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَطْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ فِعْلِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَبِيرَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ فِي الْمَالِ فَقْدُ مَا كَانَ يَصِلُهُ بِهِ أَوْ تَجَدُّدُ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ وَأَنْ يَنْدُبَهُ الشَّارِعُ إلَى تَقْدِيمِ غَيْرِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَحْوَجَ وَأَصْلَحَ فَعَدَمُ الْإِحْسَانِ إلَيْهِ أَوْ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهِ لِهَذَا الْقَدْرِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْفِسْقَ.

وَبِهِ انْقَطَعَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا أَلِفَهُ مِنْهُ الْقَرِيبُ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَاعَى أَمْرَ الشَّارِعِ بِتَقْدِيمِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْقَرِيبِ وَوَاضِحٌ أَنَّ الْقَرِيبَ لَوْ أَلِفَ مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْمَالِ يُعْطِيهِ إيَّاهُ كُلَّ سَنَةٍ مَثَلًا فَنَقَصَهُ لَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى تَمَامِ الْقَدْرِ الَّذِي أَلِفَهُ مِنْهُ بَلْ اللَّازِمُ لَهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ وَغَالِبُ النَّاسِ يَحْمِلُهُمْ شَفَقَةُ الْقَرَابَةِ وَرِعَايَةُ الرَّحِمِ عَلَى وَصْلَتِهَا لَمْ يَكُنْ فِي أَمْرِهِمْ بِمُدَاوَمَتِهِمْ عَلَى أَصْلِ مَا أَلِفُوهُ مِنْهُمْ تَنْفِيرٌ عَنْ فِعْلِهِ بَلْ حَثٌّ عَلَى دَوَامِ أَصْلِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَالْمُرَادُ بِعُذْرِ تَرْكِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي أَدَاءِ مَا يُرْسِلُهُ مَعَهُ وَأَمَّا عُذْرُ الزِّيَارَةِ فَيَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِعُذْرِ الْجُمُعَةِ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا فَرْضُ عَيْنٍ وَتَرْكَهُ كَبِيرَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الزِّيَارَةَ الَّتِي أُلِفَتْ مِنْهُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِعُذْرٍ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَتَأَمَّلْ جَمِيعَ مَا قَرَّرْتُهُ وَاسْتَفِدْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ مَعَ عُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ وَكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى ضَبْطِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَوْلَادَ وَالْأَعْمَامَ مِنْ الْأَرْحَامِ وَكَذَا الْخَالَةُ فَيَأْتِي فِيهِمْ وَفِيهَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ قَطْعِهِمْ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ وَأَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ إذْ يَكْفِي تَشَابُهُهُمَا فِي أَمْرٍ مَا كَالْحَضَانَةِ تَثْبُتُ لِلْخَالَةِ كَمَا ثَبَتَ لِلْأُمِّ.

وَكَذَا الْمَحْرَمِيَّةُ وَتَأَكُّدُ الرِّعَايَةِ وَكَالْإِكْرَامِ فِي الْعَمِّ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا ذَكَرُوا وَأَمَّا إلْحَاقُهُمَا بِهِمَا فَإِنَّ عُقُوقَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>