للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلَانِ فِي الرَّمَضَانَيْنِ، الْخَامِسُ: الْحُدُودُ الْمُتَمَاثِلَةُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهَا كَالْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ تَمَاثَلَتْ كَالزِّنَى مِرَارًا وَالسَّرِقَةِ مِرَارًا وَالشُّرْبِ مِرَارًا قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَهِيَ مِنْ أَوْلَى الْأَسْبَابِ بِالتَّدَاخُلِ؛ لِأَنَّ تَكَرُّرَهَا مُهْلِكٌ، السَّادِسُ: الْأَمْوَالُ كَالْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ الْمُتَّحِدَةِ إذَا تَكَرَّرَ الْوَطْءُ فَإِنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ لَوْ انْفَرَدَتْ أَوْجَبَتْ مَهْرًا تَامًّا مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ إلَّا صَدَاقٌ وَاحِدٌ وَكَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ فَإِنَّهُ إذَا قَطَعَ أَطْرَافَهُ وَسَرَى ذَلِكَ لِنَفْسِهِ اكْتَفَى صَاحِبُ الشَّرْعِ بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ لِلنَّفْسِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ قَبْلَ السَّرَيَانِ نَحْوَ عَشْرِ دِيَاتٍ بِحَسَبِ تَعَدُّدِ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْقُطُ الْجَمِيعُ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ تَفْرِيعٌ عَلَى هَذَا قَدْ يَدْخُلُ الْقَلِيلُ مَعَ الْكَثِيرِ كَدِيَةِ الْأُصْبُعِ مَعَ النَّفْسِ وَالْكَثِيرُ مَعَ الْقَلِيلِ كَدِيَةِ الْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ وَالْمُتَقَدِّمُ مَعَ الْمُتَأَخِّرِ كَحَدَثِ الْوُضُوءِ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْمُتَأَخِّرُ مَعَ الْمُتَقَدِّمِ كَالْوَطَآتِ الْمُتَأَخِّرَةِ مَعَ الْوَطْأَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْأُولَى.

وَمُوجِبَاتُ أَسْبَابِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مَعَ انْدِرَاجِهِ فِي الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ وَالطَّرَفَانِ فِي وَسَطٍ كَانْدِرَاجِ الْوَطْأَةِ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا قَدْ تُوطَأُ أَوَّلًا وَهِيَ مَرِيضَةُ الْجِسْمِ عَدِيمَةُ الْمَالِ ثُمَّ تَصِحُّ وَتَرِثُ مَالًا عَظِيمًا ثُمَّ تَسْقَمُ فِي جِسْمِهَا وَيَذْهَبُ مَالُهَا وَهِيَ تُوطَأُ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا بِشُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا يَجِبُ لَهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي أَعْظَمِ أَحْوَالِهَا وَأَعْظَمُ أَحْوَالِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْحَالَةُ الْوُسْطَى فَيَجِبُ الصَّدَاقُ بِاعْتِبَارِهَا وَتَدْخُلُ فِيهَا الْحَالَةُ الْأُولَى وَالْحَالَةُ الْأَخِيرَةُ فَيَنْدَرِجُ الطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ وَهَذَا الْمِثَالُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَإِنَّمَا يَعْتَبِرُ الْوَطْأَةَ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ وَكَيْفَ صَادَفَتْ وَيَنْدَرِجُ مَا بَعْدَهَا فِيهَا وَتَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ انْدِرَاجِ الْمُتَأَخِّرِ فِي الْمُتَقَدِّمِ لَا مِنْ بَابِ انْدِرَاجِ الطَّرَفَيْنِ فِي الْوَسَطِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ فِي الشَّرِيعَةِ وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ مَعَ تَمَاثُلِ الْأَسْبَابِ فَكَالْإِتْلَافَيْنِ يَجِبُ بِهِمَا ضَمَانَانِ وَلَا يَتَدَاخَلَانِ وَكَالطَّلَاقَيْنِ يَتَعَدَّدُ أَثَرُهُمَا وَلَا يَتَدَاخَلَانِ بَلْ يُنْقِصُ كُلُّ طَلَاقٍ مِنْ الْعِصْمَةِ طَلْقَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ أَوْ الْخَبَرَ عَنْ الْأَوَّلِ وَالزَّوَالَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُوجِبَانِ ظُهْرَيْنِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَأَسْبَابِهَا وَكَالنَّذْرَيْنِ يَتَعَدَّدُ مَنْذُورُهُمَا وَلَا يَتَدَاخَلُ وَكَالْوَصِيَّتَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ لَهُ الْمُوصَى بِهِ عَلَى الْخِلَافِ وَكَالسَّبَبَيْنِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ رَجُلَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ تَعَدُّدَ التَّعْزِيرِ وَالْمُؤَاخَذَةِ وَكَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَهْرًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَهْرًا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَإِنَّهُ يَحْمِلْ عَلَى شَهْرَيْنِ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى صَاعَيْنِ وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا فِي الشَّرِيعَةِ، الْأَصْلُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ مُسَبَّبُهُ، وَالتَّدَاخُلُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.

وَأَمَّا تَسَاقُطُ الْأَسْبَابِ فَإِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَتَنَافِي الْمُسَبَّبَاتِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ يَقْتَضِي شَيْئًا وَالْآخَرُ يَقْتَضِي ضِدَّهُ فَيُقَدِّمُ صَاحِبُ الشَّرْعِ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَيَسْقُطُ الْمَرْجُوحُ أَوْ يَسْتَوِيَانِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

إذَا صَامَ فِي رَمَضَانَ جَازَ اتِّفَاقًا وَإِنْ تَأَخَّرَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ إلَى مَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ كَلَامُهُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ مَتْنِ التَّحْرِيرِ بِتَصَرُّفٍ وَحَذْفٍ مَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ بِإِمْعَانٍ (وَصْلٌ فِي زِيَادَةِ تَوْضِيحٍ) هَذَا الْفَرْقُ بِذِكْرِ ثَلَاثِ مَسَائِلَ.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَفِعْلُ الْمُعَجِّلِ قَبْلَ ذَلِكَ نَفْلٌ يَسُدُّ مَسَدَّ الْفَرْضِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ فَقَالَ الْأَصْحَابُ لَهُمْ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَصَحَّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيُجْزِئُ عَنْهُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَيَكُونُ نَفْلًا سَدَّ مَسَدَّ الْفَرْضِ وَأَجْزَأَ عَنْهُ بَعْدَ جَرَيَانِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَكَذَلِكَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ لِانْحِصَارِ الْوُجُوبِ عِنْدَكُمْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ فَمَا هُوَ وَاقِعٌ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ سَوَاءٌ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ، فَإِذَا أَجْزَأَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْوَاجِبِ وَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ الْآخَرُ عَنْ الْوَاجِبِ، فَإِذَا قُلْتُمْ قَدْ قَصَدَ بِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ عِنْدَ آخِرِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّطَوُّعَ.

قُلْنَا: وَكَذَلِكَ يَقْصِدُ بِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَيُجْزِئُ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ قُلْت وَمَا فَرَّقَ بِهِ الْأَصْلُ لَهُمْ بَيْنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَنْوِي بِهَا الْوَاجِبَ فِي الْمَآلِ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَنْوِي بِهَا الْوَاجِبَ فِي الْمَآلِ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَبْلَ الزَّوَالِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ عِنْدَ آخِرِ الْقَامَةِ إنَّمَا وِزَانُهَا إخْرَاجُ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ وَيَنْوِي بِهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ عِنْدَ مِلْكِ النِّصَابِ وَدَوَرَانِ الْحَوْلِ وَهَذَا لَا يُجْزِئُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ إيقَاعُ الْفِعْلِ قَبْلَ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الزَّوَالِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ عِنْدَ آخِرِ الْقَامَةِ إنَّمَا وِزَانُهَا إخْرَاجُ الزَّكَاةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ وَقَبْلَ الْحَوْلِ إذَا كَمَا أَنَّ النِّصَابَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَذَلِكَ الزَّوَالُ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ آخِرَ الْقَامَةِ وَهَذَا لَمْ يُجْمَعْ عَلَى عَدَمِ إجْزَائِهِ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ لِلْفِعْلِ بَيْنَ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ وَالْحُكْمُ إذَا تَوَسَّطَ بَيْنَ سَبَبَيْهِ أَوْ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمَا فَكَانَ مَا أَوْقَعَهُ الْمُصَلِّي قَبْلَ الزَّوَالِ نَفْلًا مُطْلَقًا وَإِنْ نَوَى بِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ مَا أَوْقَعَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَفْلًا مُطْلَقًا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي الْمَآلِ أَمَّا إذَا نَوَى بِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَفْلًا فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْمَآلِ فَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْوَاجِبِ إلَّا وَاجِبٌ اهـ بِتَوْضِيحٍ وَإِنْ كَانَ أَيْ مَا فَرَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>