للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَبَرِ وَبَيْنَ قَوْلِنَا زَيْدٌ فِي الْخَارِجِ بِالضَّرُورَةِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ مُفِيدٌ دُونَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ نَقُولُ هَذَا السَّوَادُ الْمُعَيَّنُ سَوَادٌ وَنُدْرِكُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِنَا الْمُعَيَّنُ مُعَيَّنٌ وَيُدْرِكُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ مَفْهُومُ الْجِسْمِ وَمَفْهُومُ الْحَيَوَانِ وَمَفْهُومُ الْإِنْسَانِ وَمَفْهُومُ الْمُمْكِنِ وَمَفْهُومُ الْمَخْلُوقِ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ يَجْزِمُ كُلُّ عَاقِلٍ بِثُبُوتِهَا لَهُ بِالضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَجَحْدُ كَوْنِ الْكُلِّيَّاتِ وَالْمُشْتَرَكَاتِ مَوْجُودَةً فِي الْخَارِجِ فِي ضِمْنِ الْمُعَيَّنَاتِ خِلَافُ الضَّرُورَةِ فَهَذَا هُوَ تَلْخِيصُ قَاعِدَةِ الْكُلِّيِّ الْوَاجِبِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ.

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) الْوَاجِبُ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ فَإِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الظُّهْرَ مِنْ أَوَّلِ الْقَامَةِ إلَى آخِرِهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ عَلَى سَبْعَةِ مَذَاهِبَ وَتَحْرِيرُهَا أَنَّ الْقَائِلَ قَائِلَانِ قَائِلٌ بِالْوُجُوبِ الْمُوَسَّعِ وَقَائِلٌ بِجَحْدِهِ وَالْأَوَّلُونَ لَهُمْ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى الْعَزْمِ إذَا تَأَخَّرَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ وَلَا يَجِبُ الْعَزْمُ فَهَذَانِ قَوْلَانِ وَالْقَائِلُونَ بِجَحْدِهِ مِنْهُمْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

الْخَبَرِ وَبَيْنَ قَوْلِنَا زَيْدٌ فِي الْخَارِجِ بِالضَّرُورَةِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ مُفِيدٌ دُونَ الثَّانِي) قُلْتُ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُمَا مُفِيدَانِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفَادَ مَا لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَلَا صِدْقٍ وَالثَّانِي أَفَادَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ وَصِدْقٌ.

قَالَ (وَكَذَلِكَ نَقُولُ هَذَا السَّوَادُ الْمُعَيَّنُ سَوَادٌ وَنُدْرِكُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِنَا الْمُعَيَّنُ مُعَيَّنٌ) قُلْتُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ الْفَائِدَةِ.

قَالَ (وَيُدْرِكُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ مَفْهُومُ الْجِسْمِ وَمَفْهُومُ الْحَيَوَانِ وَمَفْهُومُ الْإِنْسَانِ وَمَفْهُومُ الْمُمْكِنِ وَمَفْهُومُ الْمَخْلُوقِ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ يَجْزِمُ كُلُّ عَاقِلٍ بِثُبُوتِهَا لَهُ بِالضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ) قُلْتُ لَمْ يَجْزِمْ كُلُّ عَاقِلٍ بِذَلِكَ بَلْ مِنْ الْعُقَلَاءِ مَنْ جَزَمَ بِنَفْيِهَا جُمْلَةً عَنْ الْوُجُودَيْنِ مَعًا وَزَعَمَ أَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَقَعْ إلَّا فِي مُجَرَّدِ الْأَلْفَاظِ لَا فِي الْمَعَانِي وَمِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ بِإِثْبَاتِهَا فِي الْأَذْهَانِ وَهُمْ جُمْهُورُ الْمُثْبِتِينَ وَمُحَقِّقُوهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهَا فِي الْأَعْيَانِ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ إنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْعَاقِلَ الَّذِي جَزَمَ بِثُبُوتِ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ لَهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا فَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ فَرَضَ ثَابِتًا وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ثُبُوتُ كُلِّ جُزْئِيٍّ فِي الْإِمْكَانِ لِكُلِّ كُلِّيٍّ وَيَكُونُ ثُبُوتُهُ فِي الْخَارِجِ أَيْ لَا يَلْزَمُ حُصُولُ جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ فِي الْوُجُودِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ.

قَالَ (فَجَحْدُ كَوْنِ الْكُلِّيَّاتِ وَالْمُشْتَرَكَاتِ مَوْجُودَةً فِي الْخَارِجِ فِي ضِمْنِ الْمُعَيَّنَاتِ خِلَافُ الضَّرُورَةِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) قُلْتُ قَدْ تَبَيَّنَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ وَتَبَيَّنَ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ بِإِثْبَاتِ الْكُلِّيَّاتِ فِي الْأَذْهَانِ أَنَّ وُجُودَهَا فِي الْجُزْئِيَّاتِ لَيْسَ عَلَى أَنَّهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا مِنْ كَوْنِهَا كُلِّيَّةً بَلْ عَلَى أَنَّ فِي الْجُزْئِيَّاتِ قِسْطًا مِنْ الْكُلِّيَّاتِ يَخْتَصُّ كُلُّ جُزْئِيٍّ بِقِسْطٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ جُزْئِيٌّ سِوَاهُ.

قَالَ (الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ الْوَاجِبُ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ إلَى آخِرِ مَا قَالَ فِيهِ) .

قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ حِكَايَةِ الْمَذَاهِبِ وَرَدِّ مَا رَدَّهُ مِنْهَا صَحِيحٌ وَمَا مَالَ إلَى تَحْسِينِهِ مِنْ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إنَّمَا الصَّحِيحُ أَنْ لَا حَاجَةَ إلَى بَدَلٍ أَصْلًا

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْعَشْرِ حَسَنَاتٍ وَالْأَلْفِ صَلَاةٍ وَالزَّائِدِ عَلَيْهَا وَالسِّتِّمِائَةِ صَلَاةٍ وَالْمُضَاعَفَةِ لِمَنْ يَشَاءُ تَعَالَى وَالْخَمْسِ أَوْ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مَثُوبَاتٍ تَتَضَاعَفُ إلَّا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ أَحَدِ الظَّاهِرَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَسَدِّ بِحَمْلِ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ تِلْكَ الْمَدَارِكُ وَالتَّقَارِيرُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّقْوَى فِي الْجَمِيعِ هَذَا مَا لِلْأَصْلِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَرَتُّبَ الثَّوَابِ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا مَشْرُوطٌ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى تِلْكَ الْمَدَارِكِ وَالتَّقَارِيرِ بِالتَّقْوَى الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْمُبَالَغَةُ فِي اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَإِجْزَائِهِ حَيْثُ قَالَ: الصَّحِيحُ عِنْدِي خِلَافُهُ وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ جَمَاعَةً مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ لَعَلَّهُمْ مُحَقِّقُونَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَمَّا فِي هَذِهِ فَلَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى الْقَطْعِ فَتَتَعَارَضُ ظَوَاهِرُ الْأَدِلَّةِ الْمُتَكَاثِرَةِ الْمُتَظَافِرَةِ بِتَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّحِيحَةِ بِدُونِ اشْتِرَاطِ التَّقْوَى الْعُرْفِيَّةِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّقْوَى الْعُرْفِيَّةِ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَةِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ.

لَكِنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ الشَّاطِّ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ تَرْتِيبِ الثَّوَابِ عَلَى صِحَّةِ الْعَمَلِ بِلُزُومِ تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا هُوَ أَنَّ مَا تَقْتَضِيهِ تِلْكَ الْمَدَارِكُ وَالتَّقَارِيرُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّقْوَى الْعُرْفِيَّةِ لَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الظَّوَاهِرَ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ الْقَطْعَ حَتَّى يَتَعَيَّنَ دَفْعُ التَّعَارُضِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَاعِدَةِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الظَّوَاهِرَ الْمَذْكُورَةَ قَدْ بَلَغَتْ الْقَطْعَ فَإِنَّهَا قَدْ تَظَافَرَتْ وَتَكَاثَرَتْ وَلَمْ يُعَارِضْهَا سِوَاهَا وَلَيْسَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مُعَارِضٌ بِمُعَارِضٍ لِاسْتِوَاءِ احْتِمَالَاتِهِ أَمَّا قَوْله تَعَالَى حِكَايَتُهُ عَنْ ابْنَيْ آدَمَ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] فَلَيْسَ الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلَهُ بِهِ بِظَاهِرٍ لِاحْتِمَالِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّقْوَى الْإِيمَانَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْإِيمَانُ الْمُوَافِي عَلَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِ ظُهُورِ تَأْوِيلِهِ لَعَلَّهُ كَانَ شَرْعًا لَهُمْ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْعِصْيَانِ فِي الْقَبُولِ وَكَوْنُ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعَارَضْ وَجَمِيعُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِوَعْدِ الْمُطِيعِ بِالثَّوَابِ مُعَارِضَةٌ لِذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: ١٢٧] فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُمَا ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِهِمَا بِعَاقِبَةِ أَمْرِهِمَا لِيَقْتَدِيَ بِهِمَا مَنْ لَا يَعْلَمُ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ فَيَتْبَعُهُمَا فِي ذَلِكَ وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>