للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّفْرَاءُ.

عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ طَاهِرَانِ مِنْ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا الْمَنِيُّ فَنَجِسٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَطَاهِرٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْمَذْيُ نَجِسٌ عِنْدَهُمَا وَكَذَا الْوَدْيُ وَالْمَعِدَةُ طَاهِرَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ نَجِسَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هَذَا حُكْمُ الْحَيَوَانِ وَمَا فِي بَاطِنِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ.

وَأَمَّا مَا حَصَلَ فِي بَاطِنِهِ مِنْ خَارِجٍ مِنْ النَّجَاسَاتِ بَعْدَ أَنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّنْجِيسِ فَهُوَ نَجِسٌ وَيَنْجُسُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعِدَةِ وَغَيْرِهَا فَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ أَكَلَ مَيْتَةً أَوْ شَرِبَ بَوْلًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُلَابِسٌ فِي صَلَاتِهِ مَا قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ وَقَوْلُنَا مَا فِي بَاطِنِ الْحَيَوَانِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إنَّمَا يُرِيدُ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ الَّذِي لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالتَّنْجِيسِ أَمَّا مَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِالتَّنْجِيسِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ فِي ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَفِي بَاطِنِهِ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ حَدَثَ عَنْهُ عَرَقٌ يُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَةِ ذَلِكَ الْعَرَقِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي رَمَادِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ الَّتِي طَرَأَتْ عَلَيْهَا التَّغَيُّرَاتُ وَالِاسْتِحَالَاتُ فَإِذَا صَارَ غِذَاءً وَأَجْزَاءً مِنْ الْأَعْضَاءِ لَحْمًا وَعَظْمًا وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْأَعْضَاءِ فَقَدْ صَارَ طَاهِرًا بَعْدَ الِاسْتِحَالَةِ فَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ وَالشَّاةِ تَشْرَبُ لَبَنَ خِنْزِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا بَعُدَتْ الِاسْتِحَالَةُ طَهُرَ كَمَا أَنَّ الدَّمَ إذَا صَارَ مَنِيًّا ثُمَّ آدَمِيًّا قُضِيَ بِطَهَارَتِهِ بَعْدَ الِاسْتِحَالَةِ وَمَا طُرِحَ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الطَّاهِرَةِ فِي مَعِدَةِ الْحَيَوَانِ كَانَ طَاهِرًا عِنْدَ مَالِكٍ حَتَّى يَتَغَيَّرَ إلَى صِفَةِ الْعُذْرَةِ أَوْ يَخْتَلِطَ بِنَجَاسَةٍ مِنْ عَرَقٍ يُنْشَرُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ وَنَحْوِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ كُلُّ مَا يَصِلُ إلَى الْمَعِدَةِ يَتَنَجَّسُ بِهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ نَجِسَةٌ وَعَرَضَ هَا هُنَا فَرْعٌ وَهُوَ جُبْنُ الرُّومِ فَإِنَّهُمْ يَعْمَلُونَهُ بِالْإِنْفَحَةِ وَهُمْ لَا يُذَكُّونَ بَلْ الْإِنْفَحَة مَيْتَةٌ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ الْمُحَقِّقُونَ هُوَ نَجِسٌ لِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ هُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ طَاهِرَةٌ وَاللَّبَنُ الَّذِي يَشْرَبُهُ فِيهَا طَاهِرٌ فَيَكُونُ الْجُبْنُ طَاهِرًا وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ صَارَ جُرْمُ الْمَعِدَةِ نَجِسًا فَيَنْجُسُ اللَّبَنُ الْكَائِنُ فِيهِ فَيَصِيرُ الْجُبْنُ نَجِسًا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

هَذَا حُكْمُ الْحَيَوَانِ وَمَا فِي بَاطِنِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ وَحَكَاهُ صَحِيحٌ.

قَالَ (أَمَّا مَا حَصَلَ فِي بَاطِنِهِ مِنْ خَارِجٍ مِنْ النَّجَاسَاتِ بَعْدَ أَنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّنْجِيسِ فَيُنَجِّسُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعِدَةِ وَغَيْرِهَا فَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ أَكَلَ مَيْتَةً أَوْ شَرِبَ بَوْلًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُلَابِسٌ فِي صَلَاتِهِ مَا قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ إلَى قَوْلِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ فِي ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَفِي بَاطِنِهِ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ) قُلْتُ لَمْ أَقِفْ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ عَلَى مَا قَالَهُ هُنَا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ فِي جَوْفِهِ نَجَاسَةٌ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَلَا أَرَاهُ صَحِيحًا. قَالَ (فَإِنْ حَدَثَ عَنْهُ عِرْقٌ يُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَةِ ذَلِكَ الْعِرْقِ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ نَجِسَةٌ) قُلْتُ مَا قَالَهُ هُنَا وَحَكَاهُ صَحِيحٌ.

قَالَ (وَعَرَضَ هَا هُنَا فَرْعٌ وَهُوَ جُبْنُ الرُّومِ إلَى قَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْقَرْنِ فَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي تَسْلِيمِ تَحَقُّقِ تِلْكَ الشُّرُوطِ فِي بَعْضِهِمْ وَعَدَمِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ فَادَّعَى جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ فَمَا بَعْدَهُ تَحَقُّقَ تِلْكَ الشُّرُوطِ فِيهِ وَأَنَّهُ بَلَغَ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ بِنَاءً عَلَى أُمُورٍ أَحَدُهَا قَوْلُ ابْنِ السُّبْكِيّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ مَعَ تَوْضِيحٍ مِنْ الْمَحَلِّيّ وَيَكْفِي الْخِبْرَةُ بِحَالِ الرُّوَاةِ فِي زَمَانِنَا الرُّجُوعُ إلَى أَئِمَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمْ فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ لِتَعَذُّرِهِمَا فِي زَمَانِنَا إلَّا بِوَاسِطَةٍ وَهُمْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ.

٢ -

وَثَانِيهَا قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْمُحَقِّقِ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِسَالَتِهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَخْلَدَ إلَى الْأَرْضِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ قِسْمَانِ مُسْتَقِلٌّ وَغَيْرُ مُسْتَقِلٍّ وَالْمُسْتَقِلُّ هُوَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِقَوَاعِدِهِ لِنَفْسِهِ يَبْنِي عَلَيْهَا الْفِقْهَ خَارِجًا عَنْ قَوَاعِدِ الْمَذَاهِبِ الْمُقَرَّرَةِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُد وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُجْتَهِدِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْخَيْرِيَّةِ قَالَ السُّيُوطِيّ.

وَهَذَا الْقِسْمُ قَدْ فُقِدَ مِنْ دَهْرٍ بَلْ لَوْ أَرَادَهُ الْإِنْسَانُ الْيَوْمَ لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ أُصُولُ الْمَذَاهِبِ وَقَوَاعِدُ الْأَدِلَّةِ مَنْقُولَةٌ عَنْ السَّلَفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْأَعْصَارِ خِلَافُهَا اهـ كَلَامُ ابْنِ بُرْهَانٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ اتِّبَاعُ الْأَئِمَّةِ الْآنَ الَّذِينَ حَازُوا شُرُوطَ الِاجْتِهَادِ مُجْتَهِدُونَ مُلْتَزِمُونَ أَنْ لَا يُحْدِثُوا مَذْهَبًا أَمَّا كَوْنُهُمْ مُجْتَهِدِينَ فَلِأَنَّ الْأَوْصَافَ قَائِمَةٌ بِهِمْ.

وَأَمَّا كَوْنُهُمْ مُلْتَزِمِينَ أَنْ لَا يُحْدِثُوا مَذْهَبًا فَلِأَنَّ إحْدَاثَ مَذْهَبٍ زَائِدٍ بِحَيْثُ يَكُونُ لِفُرُوعِهِ أُصُولٌ وَقَوَاعِدُ مُبَايِنَةٌ لِسَائِرِ قَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمِينَ مُتَعَذِّرُ الْوُجُودِ لِاسْتِيعَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ سَائِرَ الْأَسَالِيبِ اهـ كَلَامُهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ وَهُوَ مَالِكِيٌّ أَيْضًا وَالْمُجْتَهِدُ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ هُوَ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الِاجْتِهَادِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي اتَّصَفَ بِهَا الْمُجْتَهِدُ الْمُسْتَقِلُّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْتَكِرْ لِنَفْسِهِ قَوَاعِدَ بَلْ سَلَكَ طَرِيقَةَ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ فِي الِاجْتِهَادِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ فِي كِتَابِهِ آدَابِ الْفُتْيَا وَهَذَا لَا يَكُونُ مُقَلِّدَ الْإِمَامَةِ لَا فِي الْمَذْهَبِ وَلَا فِي دَلِيلِهِ لِاتِّصَافِهِ بِصِفَةِ الْمُسْتَقِلِّ وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لِسُلُوكِهِ طَرِيقَهُ فِي الِاجْتِهَادِ وَادَّعَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ هَذِهِ الصِّفَةَ لِأَصْحَابِنَا فَحَكَى عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَدَاوُد وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ صَارُوا إلَى مَذْهَبِ أَئِمَّتِهِمْ تَقْلِيدًا لَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَهُوَ أَنَّهُمْ صَارُوا إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا تَقْلِيدًا لَهُ بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>