للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةِ.

الصُّورَةُ السَّادِسَةُ رُوِيَ أَنَّ «صَلَاةً بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ» مَعَ أَنَّ وَصْفَ السِّوَاكِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَقَدْ فَضَلَ الْمَنْدُوبُ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الصَّلَاةِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَصْلُحُ لِلْإِيجَابِ وَلَكِنَّ تُرِكَ الْإِيجَابُ رِفْقًا بِالْعِبَادِ. الصُّورَةُ السَّابِعَةُ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لَا يَأْثَمُ تَارِكُهُ فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَرُوِيَ «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا أَمَرَ بِعَدَمِ الْإِفْرَاطِ فِي السَّعْيِ لِأَنَّهُ إذَا قَدُمَ عَلَى الصَّلَاةِ عَقِيبَ شِدَّةِ السَّعْيِ يَكُونُ عِنْدَهُ انْبِهَارٌ وَقَلَقٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُشُوعِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ فِي مَكَان مَا لَيْسَ غَيْرَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ إنَّ إيقَاعَهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مَنْدُوبٌ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا وَاجِبَةٌ وَلَكِنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ هُوَ نَفْسُ الصَّلَاةِ وَتَوَهُّمُ الِانْفِصَالِ أَوْجَبَ الْغَلَطَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ.

قَالَ (الصُّورَةُ السَّادِسَةُ رُوِيَ أَنَّ «صَلَاةً بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ» إلَى آخِرِ الصُّورَةِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ وَصْفَ السِّوَاكِ مَنْدُوبٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ جَعَلَ الشَّارِعُ الصَّلَاةَ مَعَ السِّوَاكِ بِسَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ أَيْ فِيهَا ثَوَابُ سَبْعِينَ صَلَاةً بِدُونِ سِوَاكٍ فَالسِّوَاكُ وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا سَبَبٌ فِي تَضْعِيفِ ثَوَابِ الْوَاجِبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمَنْدُوبَ خَيْرٌ مِنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ كَوْنِهِ سَبَبًا فِي تَضْعِيفِ ثَوَابِهَا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ نَصَّ الشَّارِعِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا التَّضْعِيفَ ثَوَابٌ لِلسِّوَاكِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّضْعِيفَ ثَوَابٌ لِلصَّلَاةِ الْمُصَاحِبَةِ لِلسِّوَاكِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَنْدُوبَ الَّذِي هُوَ السِّوَاكُ خَيْرٌ مِنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيثِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ.

قَالَ (الصُّورَةُ السَّابِعَةُ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ لَا يَأْثَمُ تَارِكُهُ فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَرُوِيَ «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا أَمَرَ بِعَدَمِ الْإِفْرَاطِ فِي السَّعْيِ لِأَنَّهُ إذَا قَدِمَ عَلَى الصَّلَاةِ عَقِيبَ شِدَّةِ السَّعْيِ يَكُونُ عِنْدَهُ انْبِهَارٌ وَقَلَقٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُشُوعِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

ثُمَّ عَلَى الْآحَادِ فَإِنْ أَعْوَزَهُ لَمْ يَخُضْ فِي الْقِيَاسِ بَلْ يَلْتَفِتُ إلَى ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ فَإِنْ وَجَدَ ظَاهِرًا نَظَرَ فِي الْمُخَصَّصَاتِ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ خَبَرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَخْصِيصًا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى لَفْظٍ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ نَظَرَ إلَى الْمَذَاهِبِ فَإِنْ وَجَدَهَا مُجْمَعًا عَلَيْهَا اتَّبَعَ الْإِجْمَاعَ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إجْمَاعًا خَاضَ فِي الْقِيَاسِ وَيُلَاحِظُ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُهَا عَلَى الْجُزْئِيَّاتِ كَمَا فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقِلِ يُقَدِّمُ قَاعِدَةَ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْآلَةِ فَإِنْ عُدِمَ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً نَظَرَ فِي النُّصُوصِ وَمَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ فَإِنْ وَجَدَهَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ أَلْحَقَ بِهِ وَإِلَّا انْحَدَرَ إلَى قِيَاسٍ مُخَيَّلٍ فَإِنْ أَعْوَزَهُ تَمَسَّكَ بِالشَّبَهِ وَلَا يَعُودُ عَلَى طَرْدٍ إنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَيَعْرِفُ مَأْخَذَ الشَّرْعِ هَذَا تَدْرِيجُ النَّظَرِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَقَدْ أَخَّرَ الْإِجْمَاعَ عَنْ الْإِخْبَارِ وَذَلِكَ تَأْخِيرُ مَرْتَبَةٍ لَا تَأْخِيرُ عَمَلٍ إذْ الْفِعْلُ بِهِ مُقَدَّمٌ لَكِنَّ الْخَبَرَ يَتَقَدَّمُ فِي الْمَرْتَبَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُسْتَنَدُ قَبُولِ الْإِجْمَاعِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ اهـ.

٢ -

(التَّنْبِيهُ الثَّانِي) الْقِيَاسُ لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ الشَّيْءِ إلَى نَظِيرِهِ وَعِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ إبَانَةُ مِثْلِ حُكْمِ الْمَذْكُورِ بِمِثْلِ عِلَّتِهِ فِي الْآخَرِ أَيْ إظْهَارُ مِثْلِ حُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي النَّصِّ بِمِثْلِ عِلَّتِهِ فِي آخَرَ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لَا إثْبَاتُهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ غَيْرُ مُثْبِتٍ لِلْحُكْمِ بَلْ مُظْهِرٍ لَهُ وَاحْتَرَزَ بِمِثْلِ الْحُكْمِ وَمِثْلِ الْعِلَّةِ عَنْ لُزُومِ الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْأَوْصَافِ وَاخْتِيَارِ لَفْظِ الْمَذْكُورِ لِيَشْمَلَ الْقِيَاسَ بَيْنَ الْمَعْدُومِينَ أَيْضًا وَأَرْكَانُهُ.

أَرْبَعَةٌ مَقِيسٌ عَلَيْهِ وَمَقِيسٌ وَمَعْنًى مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَحُكْمُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ يَتَعَدَّى بِوَاسِطَةِ الْمُشْتَرَكِ إلَى الْمَقِيسِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمَا كَحُكْمِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَوْ الْأَصْلُ دَلِيلُ حُكْمِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَيَنْقَسِمُ إلَى جَلِيٍّ وَهُوَ مَا تَسْبِقُ إلَيْهِ الْأَفْهَامُ وَإِلَى خَفِيٍّ وَهُوَ مَا يَكُونُ بِخِلَافِهِ وَيُسَمَّى فِي الْأَغْلَبِ بِالِاسْتِحْسَانِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْسَانُ أَعَمَّ مُطْلَقًا مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالضَّرُورَةِ كَمَا فِي تَعْرِيفَاتِ الْجُرْجَانِيِّ وَمَحَلِّي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ شُرُوطٌ تُطْلَبُ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ قَالَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ وَرَقَاتِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ مَعَ الْمَتْنِ.

وَيَنْقَسِمُ الْقِيَاسُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِيَاسِ عِلَّةٍ وَقِيَاسِ دَلَالَةٍ وَقِيَاسِ شَبَهٍ (فَقِيَاسُ الْعِلَّةِ) مَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِيهِ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ بِحَيْثُ لَا يَحْسُنُ عَقْلًا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهَا وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْهَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ كَقِيَاسِ تَحْرِيمِ ضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ فِي الْعَقْلِ إبَاحَةُ الضَّرْبِ مَعَ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الدَّلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْحُكْمِ قِيَاسِيَّةٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الدَّلَالَةَ فِيهِ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْحُكْمِ وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ مَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِيهِ دَالَّةً عَلَى الْحُكْمِ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لَهُ أَيْ مَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ لِعِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ يَجُوزُ أَنْ يَتَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا فِي الْفَرْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>