للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَجَدْنَاهَا مَصَالِحَ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا سَمِعْتُمْ قِرَاءَةَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْتَمِعُوا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِخَيْرٍ وَيَنْهَاكُمْ عَنْ شَرٍّ فَحَيْثُ لَمْ نَعْلَمْ ذَلِكَ قُلْنَا هُوَ كَذَلِكَ طَرَدَ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعُ فِي رِعَايَةِ

الْمَصَالِحِ

وَلَمَّا وَرَدَتْ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَقُدِّمَ فِيهِ الْمَنْدُوبُ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْوَقْتُ قُلْنَا هَذَا الْمَنْدُوبُ أَعْظَمُ مَصْلَحَةً مِنْ ذَلِكَ الْوَاجِبِ أَوْ مُسَاوٍ لِلْوَاجِبِ فَخَيَّرَ الشَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَ لَهُ اخْتِيَارَ أَحَدِهِمَا فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ حِينَئِذٍ.

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَكْثُرُ الثَّوَابُ فِيهِ وَالْعِقَابُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقِلُّ الثَّوَابُ فِيهِ وَالْعِقَابُ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ الْعِقَابِ وَقِلَّتِهِ أَنْ يَتْبَعَا كَثْرَةَ

الْمَصْلَحَةِ

فِي الْفِعْلِ وَقِلَّتَهَا كَتَفْضِيلِ التَّصَدُّقِ بِالدِّينَارِ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالدِّرْهَمِ وَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ مِنْ بَنِي آدَمَ مَعَ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ وَإِثْمُ الْأَذِيَّةِ فِي الْأَعْرَاضِ وَالنُّفُوسِ أَعْظَمُ مِنْ الْأَذِيَّةِ فِي الْأَمْوَالِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

طَرَدَ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعُ فِي رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ) قُلْتُ لَمْ يَتَقَرَّرْ مَا قَالَ وَلَا أَقَامَ عَلَيْهِ حُجَّةً وَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ

الْمَصْلَحَةُ

فِي أَمْرٍ مَا أَعْظَمَ مِنْهَا فِي أَمْرٍ آخَرَ وَبَلَغَ إلَى حَدِّ مَصَالِحِ الْوَاجِبَاتِ فَاَلَّذِي يُنَاسِبُ رِعَايَةَ الْمَصَالِحِ أَنْ يَكُونَ الْأَعْظَمُ مَصْلَحَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَاجِبًا وَالْأَدْنَى مَصْلَحَةً مَنْدُوبًا أَمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَعْظَمُ مَصْلَحَةً مَنْدُوبًا وَيَكُونَ الْأَدْنَى مَصْلَحَةً وَاجِبًا فَلَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لِرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ بِوَجْهٍ.

قَالَ (وَلَمَّا وَرَدَتْ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَقَدَّمَ فِيهِ الْمَنْدُوبَ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْوَقْتُ قُلْنَا هَذَا الْمَنْدُوبُ أَعْظَمُ مَصْلَحَةً مِنْ ذَلِكَ الْوَاجِبِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ) قُلْتُ لَمْ يُقَدِّمْ الْمَنْدُوبَ عَلَى الْوَاجِبِ وَلَا يَصِحُّ عَلَى قَاعِدَةِ مُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مَصْلَحَةً مِنْ الْوَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ (الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَكْثُرُ الثَّوَابُ فِيهِ وَالْعِقَابُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقِلُّ الثَّوَابُ فِيهِ وَالْعِقَابُ اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ الْعِقَابِ وَقِلَّتِهِ أَنْ يَتَّبِعَا كَثْرَةَ

الْمَصْلَحَةِ

فِي الْفِعْلِ وَقِلَّتِهَا كَتَفْضِيلِ التَّصَدُّقِ بِالدِّينَارِ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالدِّرْهَمِ إلَى قَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَمَرْجُوحَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُولَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَقْوَى اعْتِبَارُ الْأَضْعَفِ كَذَلِكَ هَذَا الْمُقَلِّدُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقِيسَ فَرْعًا عَلَى فَرْعٍ نَصَّ إمَامُهُ عَلَيْهِ مَعَ قِيَامِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا مَثَلًا إمَامُهُ أَفْتَى فِي فَرْعٍ بُنِيَ عَلَى عِلَّةٍ اُعْتُبِرَ فَرْعُهَا فِي نَوْعِ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ لَهُ هُوَ أَنْ يَقِيسَ عَلَى أَصْلِ إمَامِهِ فَرْعًا مِثْلَ ذَلِكَ الْفَرْعِ لَكِنَّ عِلَّتَهُ مِنْ قَبِيلِ مَا شَهِدَ جِنْسُهُ لِجِنْسِ الْحُكْمِ لِقُوَّةِ النَّوْعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَقْوَى اعْتِبَارُ الْأَضْعَفِ أَوْ وَجَدَ إمَامَهُ اعْتَمَدَ عَلَى مَصْلَحَةٍ مِنْ بَابِ الضَّرُورِيَّاتِ لَا يَجُوزُ لَهُ هُوَ أَنْ يَقِيسَ عَلَيْهَا مِثْلَهَا لَكِنَّهَا مِنْ بَابِ الْحَاجَاتِ أَوْ التَّتِمَّاتِ إذْ لَعَلَّ إمَامَهُ رَاعَى خُصُوصَ تِلْكَ الْقُوَّةِ وَذَلِكَ لِخُصُوصٍ مُنْتَفٍ هُنَا أَوْ وَجَدَ إمَامَهُ اعْتَبَرَ مَصْلَحَةً سَالِمَةً عَنْ الْمُعَارِضِ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتِيَ فِيمَا فِيهِ عَنْ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ لَكِنَّهَا مُعَارِضَةٌ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى أَوْ بِقَوَاعِدَ لِقِيَامِ الْفَارِقِ.

٢ -

(التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ) التَّخْرِيجُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ تَعَرُّفُ أَحْكَامِ جُزْئِيَّاتِ مَوْضُوعِ الْقَاعِدَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى تِلْكَ الْأَحْكَامِ بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْفِعْلِ بِإِبْرَازِهَا مِنْ الْقُوَّةِ إلَى الْفِعْلِ بِأَنْ تُجْعَلَ الْقَاعِدَةُ نَحْوُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ حَقِيقَةً كُبْرَى قِيَاسٌ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ لِصُغْرَى سَهْلَةِ الْحُصُولِ لِأَنَّ مَحْمُولَهَا مَوْضُوعُ الْكُبْرَى وَمَوْضُوعُهَا هُوَ الْجُزْئِيُّ الَّذِي قُصِدَ تَعَرُّفُ حُكْمِهِ فَيُقَالُ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ حَقِيقَةٌ تُنْتِجُ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ لِلْوُجُوبِ حَقِيقَةً فَلِذَا عَرَّفُوا الْقَاعِدَةَ بِقَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ يَتَعَرَّفُ مِنْهَا أَحْكَامُ جُزْئِيَّاتِ مَوْضُوعِهَا، وَفِي صِيغَةِ التَّفَعُّلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تِلْكَ الْمَعْرِفَةَ بِالْكُلْفَةِ وَالْمَشَقَّةِ فَخَرَجَ مِنْ التَّعْرِيفِ الْقَضِيَّةُ الَّتِي تَكُونُ فُرُوعُهَا بَدِيهِيَّةً غَيْرَ مُحْتَاجَةٍ إلَى التَّخْرِيجِ فَيَكُونُ ذِكْرُهَا فِي الْفَنِّ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَادِي لِمَسَائِلَ أُخَرَ وَيُقَالُ لِلْإِبْرَازِ الْمَذْكُورِ تَفْرِيعٌ كَمَا فِي الْعَطَّارِ وَالشِّرْبِينِيِّ عَلَى مَحَلِّي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَأَطْلَقَ الْأَصْلُ التَّخْرِيجَ عَلَى مَعْنَى الْقِيَاسِ فَلِذَا قَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ ضَبَطَ مَدَارِكَ إمَامِهِ وَمُسْتَنَدَاتِهِ بِخِلَافِهِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ يَتَّسِعُ اطِّلَاعُهُ بِحَيْثُ يَعْلَمُ بِتَقْيِيدِ الْمُطْلَقَاتِ وَتَخْصِيصِ الْعُمُومَاتِ وَلَوْ لَمْ يَضْبِطْ مَدَارِكَ إمَامِهِ وَمُسْتَنَدَاتِهِ.

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ عُلَيْشٌ فِي فَتَاوِيهِ فَتْحِ الْعَلِيِّ الْمَالِكِ فِي جَوَابِ بَعْضِ مُعَاصِرِيهِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي بَهِيمَةٍ اشْتَرَيَاهَا وَالْتَزَمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ نَفَقَتَهَا ثُمَّ بَعْدَ انْفِصَالِ الشَّرِكَةِ أَرَادَ الْمُلْتَزِمُ مُحَاسَبَةَ شَرِيكِهِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى حِصَّتِهِ فِي الْبَهِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ حَيْثُ الْتَزَمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْإِنْفَاقَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ لَازِمٌ لِمَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمُتْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ الْحَطَّابُ وَنَصُّ مَسْأَلَةِ مَنْ الْتَزَمَ الْإِنْفَاقَ عَلَى شَخْصٍ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُنْفِقِ أَوْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ زَيْدٌ أَوْ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمُتْ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَعْرُوفَ عَلَى مَذْهَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>