للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الْمُدْرَكَ هُنَاكَ إنْ كَانَ هُوَ أَنَّ الْعُرْفَ نَقَلَهَا لِنَذْرِ الْكَفَّارَةِ فِي زَمَانِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَصَارَ النُّطْقُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ نَذْرًا لِلْكَفَّارَةِ فَتَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ لَا بِالْحَلِفِ لِأَنَّهُ هُوَ مُقْتَضَى لَفْظِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي النَّذْرِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الْقَسَمِ إجْمَاعًا بَلْ مِنْ حُرُوفِ اللُّزُومِ وَالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ وَصَدَقَةُ دِينَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ هُنَا إذَا وُجِدَ عُرْفٌ فِي رِزْقِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَأَنَّهُ صَارَ قَوْلُهُ عَلَيَّ رِزْقُ اللَّهِ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِبَعْضِ خَلْقِهِ مِنْ نَبَاتٍ أَوْ جَمَادٍ أَوْ حَيَوَانٍ مِمَّا يُسَوِّغُ التَّصَدُّقَ بِهِ كَالْبَقَرَةِ وَالْغَنَمِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ وُجِدَ فِي الْعُرْفِ الْمُوجِبِ لِنَقْلِهِمَا لِلنَّذْرِ لَزِمَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْعُرْفُ النَّاقِلُ لِلنَّذْرِ لَمْ يَلْزَمْ وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ عُرْفٌ يُوجِبُ النَّقْلَ لِنَذْرِ غَيْرِ الْكَفَّارَةِ يَجِبُ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي نَقَلَ الْعُرْفُ اللَّفْظَ إلَيْهِ فَيَجِبُ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بَلْ يَدُورُ مَعَ الْعُرْفِ كَيْفَمَا دَارَ وَإِنْ كَانَ الْمُدْرَكُ النِّيَّةَ فَتَصِحُّ أَيْضًا فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَرِزْقِهِ أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا إرَادَةَ الْخَلْقِ وَإِرَادَةَ الرِّزْقِ الْإِرَادَةَ الْقَدِيمَةَ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ نَوَى الْحَلِفَ أَوْ النَّذْرَ إنْ كَانَ نَوَى بَعْضَ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْ الْأَفْعَالِ.

وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدْرَكُ الْعُرْفَ النَّاقِلَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ فِي لَفْظَةِ عَلَيَّ إلَى الْقَسَمِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْوَاوِ وَحُرُوفِ الْقَسَمِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (فَإِنَّ الْمُدْرِكَ هُنَالِكَ إنْ كَانَ هُوَ أَنَّ الْعُرْفَ نَقَلَهَا لِنَذْرِ الْكَفَّارَةِ فِي زَمَانٍ فَصَارَ النُّطْقُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ نَذْرًا لِلْكَفَّارَةِ فَتَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ لَا بِالْحَلِفِ إلَى قَوْلِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ) قُلْت مَا تَأَوَّلَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ عَلَيَّ مِيثَاقُ اللَّهِ جَرَى فِيهِ عُرْفٌ بِنَذْرِ الْكَفَّارَةِ مُجَرَّدَ تَوَهُّمٍ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدِي كَمَا تَوَهَّمَ بَلْ قَوْلُ الْقَائِلِ عَلَيَّ مِيثَاقُ اللَّهِ جَرَى فِيهِ الْعُرْفُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْيَمِينُ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهَا مِيثَاقًا بَيْنَ عِبَادِهِ فَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ لَيْسَ بِنَذْرِ الْكَفَّارَةِ بَلْ بِالْتِزَامِ الْيَمِينِ.

قَالَ (فَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ هُنَا إذَا وَجَدَ عُرْفَهُ فِي رِزْقِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَأَنَّهُ صَارَ قَوْلُهُ عَلَيَّ رِزْقُ اللَّهِ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ إلَى قَوْلِهِ بَلْ يَدُورُ مَعَ الْعُرْفِ كَيْفَمَا دَارَ) قُلْت صَدَرَ كَلَامُهُ بِالْعُرْفِ فِي نَذْرِ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْعُرْفِ فِي نَذْرِ شَيْءٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَهَذَا الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَسْأَلَةِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ عَلَيَّ مِيثَاقُ اللَّهِ وَنَحْوُهُ وَمَا قَالَ مِنْ أَنَّهُ يَدُورُ مَعَ الْعُرْفِ كَيْفَمَا دَارَ صَحِيحٌ إذَا ثَبَتَ عُرْفٌ.

قَالَ (وَإِنْ كَانَ الْمُدْرَكُ النِّيَّةَ فَتَصِحُّ أَيْضًا فِي خَلْقِ اللَّهِ وَرِزْقِهِ إلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ نَوَى بَعْضَ الْمَنْذُورَاتِ مِنْ الْأَفْعَالِ) قُلْت مَا قَالَهُ هُنَا صَحِيحٌ قَالَ (وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ) قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا سَوَاءً قَالَ (وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدْرَكُ الْعُرْفَ النَّاقِلَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ فِي لَفْظِ عَلَيَّ إلَى الْقَسَمِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْوَاوِ وَحُرُوفِ الْقَسَمِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْمُحَقِّقُونَ نَعَمْ نَظَرَ عج فِي غَيْرِ الْقِدَمِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ مِنْ صِفَاتِ السُّلُوبِ لَكِنْ اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الِانْعِقَادَ أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَنْكَرَهَا يَكْفُرُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْحَوَادِثِ لَا بِمُخَالَفَةِ الْحَوَادِثِ لَهُ عَلَى الظَّاهِرِ وَإِنْ تَلَازَمَا لِأَنَّ الْمُلَاحَظَ فِي الْأَوَّلِ ارْتِفَاعُ مَجْدِهِ وَتَقَدُّسِهِ عَنْ مُشَابَهَتِهِمْ وَهُوَ صِفَةٌ لَهُ وَفِي الثَّانِي انْحِطَاطُهُمْ عَنْ مُشَابَهَتِهِ وَقُصُورِهِمْ عَنْهَا وَهُوَ لَيْسَ صِفَةً اهـ.

وَمَا فِي الْجَوَاهِرِ لِلشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِصِفَةِ الْفِعْلِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْمَقْدُورِ وَأَنَّهَا حَادِثَةٌ كَمَا يَقُولُ الْأَشَاعِرَةُ وَبِالْجُمْلَةِ فَصِفَاتُ اللَّهِ وَأَسْمَاؤُهُ نَوْعَانِ نَوْعٌ يَنْعَقِدُ الْقَسَمُ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إرَادَةٍ وَنَوْعٌ لَا يَنْعَقِدُ الْقَسَمُ بِذَاتِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إرَادَةٍ وَسَيَأْتِي فِي الْفَرْقِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا الْفَرْقِ تَوْضِيحُ النَّوْعَيْنِ فَتَرَقَّبْ.

(وَأَمَّا الْإِقْسَامُ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَيْهِ تَعَالَى بِغَيْرِهِ مِنْ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ بِأَنْ يُقَالَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْك أَوْ بِحُرْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ إلَّا غَفَرْت لَنَا أَوْ بِحَقِّ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ إلَّا سَتَرْت عَلَيْنَا أَوْ بِحُرْمَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ إلَّا هَدَيْتنَا هَدْيَهُمْ وَسَلَكْت بِنَا سَبِيلَهُمْ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ لِوُرُودِهِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَمَنْعِهِ لِأَنَّهُ قَسَمٌ وَتَعْظِيمٌ بِالْقَسَمِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ تَوَقَّفَ فِي هَذَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَرُجِّحَ عِنْدَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَبَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِهِ وَقَالَ الْكُلُّ قَسَمٌ وَتَعْظِيمٌ قُلْت وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَلَيَّ الْعَدَوِيِّ عَلَى الْخَرَشِيِّ فِي بَابِ الْيَمِينِ.

وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ فَجَائِزَةٌ وَأَمَّا الْإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ كَقَوْلِهِ يَعْنِي الدَّاعِي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا فَخَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.

يَعْنِي إذَا لَاحَظَ الدَّاعِي جَعْلَ الْبَاءِ لِلْقَسَمِ وَإِلَّا كَانَ تَوَسُّلًا لَا إقْسَامًا يَشْهَدُ لِذَلِكَ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا الْإِقْسَامُ إلَى آخِرِهِ الثَّانِي مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلَيَّ الْأُجْهُورِيِّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَنَّ الْعِزَّ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ إنْ صَحَّ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ بَعْضَ النَّاسِ الدُّعَاءَ فَقَالَ لَهُ فِي أَوَّلِهِ قُلْ اللَّهُمَّ إنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>