للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذَا تَلْخِيصُ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْفُتْيَا فِيهَا (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِ اللَّهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ وَاتِّحَادِهَا لَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِ النَّهْيِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِعَدَمِ النَّهْيِ بَلْ لِلُزُومِ كَفَّارَةٍ أَمَّا لُزُومُ الْكَفَّارَةِ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمُوجِبِ وَعَلَى غَيْرِ الْمُوجِبِ فَتَجِبُ وَأَمَّا اتِّحَادُهُمَا فَلِأَنَّ الْعَظَمَةَ وَالْجَلَالَ وَالْعُلَا وَنَحْوَ ذَلِكَ هُوَ الْمَجْمُوعُ وَالْمَجْمُوعُ وَاحِدٌ فَتَعَدَّدَتْ الْأَلْفَاظُ وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى فَاتَّحَدَتْ الْكَفَّارَةُ وَأَمَّا أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ النَّهْيُ فَلِانْدِرَاجِ الْمُحْدَثَاتِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَيَكُونُ قَدْ حَلَفَ بِقَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ فَفَعَلَ مَأْمُورًا بِهِ وَمَنْهِيًّا عَنْهُ وَمَنْ فَعَلَ مَأْمُورًا بِهِ وَمَنْهِيًّا عَنْهُ فَقَدْ ارْتَكَبَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْحَالِفُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْقَدِيمَ وَحْدَهُ فَلَا نَهْيَ حِينَئِذٍ أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ عُرْفٌ اقْتَضَى تَخْصِيصَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِالْقَدِيمِ خَاصَّةً فَلَا نَهْيَ حِينَئِذٍ أَمَّا مُجَرَّدُ اللَّفْظِ اللُّغَوِيِّ فَمُوجِبٌ لِانْدِرَاجِ الْمُحْدَثِ مَعَ الْقَدِيمِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)

أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تَارَةً تَكُونُ بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ كَقَوْلِنَا وَجَلَالِ اللَّهِ وَعَلَاءِ اللَّهِ وَتَارَةً تَكُونُ بِلَفْظِ التَّأْنِيثِ كَقَوْلِنَا وَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ فَأَمَّا لَفْظُ التَّذْكِيرِ فَلَا كَلَامَ فِيهِ هَاهُنَا وَأَمَّا لَفْظُ التَّأْنِيثِ بِالْهَاءِ فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ تُفَرِّقُ الْعَرَبُ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ عَزَّ زَيْدٌ عِزًّا وَعَزَّ عِزَّةً فَالْأَوَّلُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْعِزِّ مُفْرَدَةً وَمَجْمُوعَةً فَإِذَا وَجَدْتَ الْإِضَافَةَ أَوْ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الْمُوجِبَتَيْنِ الْعُمُومَ كَانَ الْعُمُومُ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ ذَلِكَ النَّوْعِ وَإِنْ فُقِدَتْ الْإِضَافَةُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ بَقِيَ مُطْلَقًا وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي وَهُوَ عَزَّ زَيْدٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (فَهَذَا تَلْخِيصُ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْفُتْيَا فِيهَا) قُلْت قَدْ تَبَيَّنَ تَلْخِيصُ الْحَقِّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي زَعَمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ الْحَالِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْت لَا يَنْدَرِجُ حَادِثٌ تَحْتَ لَفْظِ الْعِزَّةِ وَنَحْوِهِ فَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ بِأَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ أَغْفَلَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا مَحْذُورَ فِي الْيَمِينِ بِعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِ ذَلِكَ فَبِحَقٍّ إنْ أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ تَارَةً تَكُونُ بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ وَتَارَةً تَكُونُ بِلَفْظِ التَّأْنِيثِ إلَى آخِرِهَا) قُلْت الصَّحِيحُ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ لَفْظَ الْعِزَّةِ وَنَحْوِهَا لَا يَتَنَاوَلُ مُحْدَثًا فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ فِي لَفْظِ الْعِزَّةِ مِنْ احْتِمَالِهِ الْمُحْدَثَ وَمَا حَكَاهُ عَنْ صَاحِبِ اللُّبَابِ مِنْ نَقْلِهِ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ لِلْحَالِفِ بِذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ لَيْسَ مُدْرَكُ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ مِنْ احْتِمَالِ الْمُحْدَثِ بَلْ الْمُدْرَكُ عِنْدِي احْتِمَالُ لَفْظِ الْعِزَّةِ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهُ أَمْرًا ثُبُوتِيًّا وَأَمْرًا سَلْبِيًّا فَإِنَّهُ عَزَّ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ الثُّبُوتِيَّةِ كَمَا عَزَّ بِصِفَاتِ تَنْزِيهِهِ السَّلْبِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فَيَتْبَعُ الْحَلِفُ بِهِ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ وَقَدْ جَرَى بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْقَدِيمِ الْعُرْفُ فَيَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَتَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْحَالِفُ بِهِ الْمَعْنَى الْحَادِثَ فَحِينَئِذٍ يُمْنَعُ الْحَلِفُ بِهِ وَتَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ كَمَا إذَا تَغَيَّرَ الْعُرْفُ وَجَرَى بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْحَادِثِ فِي قُطْرٍ مِنْ الْأَقْطَارِ فَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ أَوْ يُكْرَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَتَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْحَالِفُ الْقَدِيمَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْحَلِفُ بِهِ وَتَلْزَمُ بِالْحِنْثِ الْكَفَّارَةُ وَفِي مَجْمُوعِ الْأَمِيرِ وَشَرْحِهِ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مَعْنًى حَادِثًا أَيْ مَا جَعَلَهُ بَيْنَ عِبَادِهِ بِأَنْ نَوَى قَدِيمًا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا اهـ.

(اللَّفْظُ الثَّانِي) قَوْلُنَا عَمْرِ اللَّهِ أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ أَفْتَى مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِهِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ نَظَرًا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْقَدِيمِ وَهُوَ بَقَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ السُّلُوبِ الْقَدِيمَةِ فَإِنْ تَغَيَّرَ الْعُرْفُ وَجَرَى بِإِطْلَاقِهِ عَلَى أَمْرٍ حَادِثٍ فِي قُطْرٍ مِنْ الْأَقْطَارِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْيَمِينُ بِهِ بَلْ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي قَبْلِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعِيَّتِه وَبَعْدِيَّته فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَ كُلِّ حَادِثٍ وَمَعَ كُلِّ حَادِثٍ وَبَعْدَ كُلِّ حَادِثٍ إذَا فَنِيَ الْحَادِثُ فَهِيَ نِسَبٌ وَإِضَافَاتٌ وَالنِّسَبُ سُلُوبٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَسْرَارَ الْمُضَافَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مَتَى عُنِيَ بِهَا أَمْرٌ قَدِيمٌ سَوَاءٌ كَانَتْ إثْبَاتًا أَوْ سَلْبًا فَالْيَمِينُ بِهَا مُنْعَقِدَةٌ وَمَتَى عُنِيَ بِهَا أَمْرٌ حَادِثٌ فَالْيَمِينُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ بِهَا وَقَصْدُ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ بِهَا هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ وَلَمْ يَحْدُثْ عُرْفٌ يُنَاقِضُهُ فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قُلْت: وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَقَصْدُ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ بِهِ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ إلَخْ مَعَ مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ الْعُرْفَ الشَّرْعِيَّ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ الْعُرْفُ بِخِلَافِ الْعُرْفِ الزَّمَانِيِّ وَحَرِّرْ.

اللَّفْظُ الثَّالِثُ) عَهْدُ اللَّهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ الْعَهْدُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ فِي وَاحِدٍ وَهُوَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ وَهُمَا لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَأُعْطِيك عَهْدَ اللَّهِ وَيَخْتَلِفُ فِي الرَّابِعِ وَهُوَ أُعَاهِدُك اللَّهَ اعْتَبَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَسْقَطَهُ ابْنُ شَعْبَانَ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ اهـ.

قَالَ الْأَصْلُ وَبَقِيَ خَامِسٌ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَهْدِ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا بِوَاوِ الْقَسَمِ فَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا وَكَانَ مُشَارِكًا لِلْأَوَّلِ الَّذِي أَفْتَى مَالِكٌ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِهِ فِي أَنَّ عَهْدَ اللَّهِ فِيهَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>