للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ جُزْءُ السَّبَبِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ كَالْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ هَذَا الْقِسْمِ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ مِنْهُمَا عَنْ الْعَقْدِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّشَاجُرِ وَالْخُصُومَاتِ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ آخَرَ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الْجَوَابُ فِي التَّمْلِيكِ اخْتَلَفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ التَّأَخُّرُ أَوْ مِنْ الثَّانِي فَيَقْدَحُ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إمْهَالَ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَالْمُصَرَّاةِ وَالشُّفْعَةِ لِمَا فِي الْفَرْقِ مِنْ الصُّعُوبَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لِلْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ الْخِيَارُ فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ كَالْمُبَايَعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهَا وَإِنْ افْتَرَقَا لِاحْتِيَاجِهَا لِلْمُشَاوَرَةِ، وَهَذَا إذَا بَاشَرَهَا أَوْ وَكِيلُهُ فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهَا أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا أَوْ عَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي تَمَادِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَطُلْ طُولًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى بِالْإِسْقَاطِ نَحْوَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الزَّوْجِ سُؤَالٌ يَتَّصِلُ بِهِ جَوَابُهُ وَجَوَابُهُ لِلرِّسَالَةِ مَعَ مُرْسِلِهِ.

(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ خِيَارِ التَّمْلِيكِ فِي الزَّوْجَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْإِمَاءِ فِي الْعِتْقِ)

أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ إذَا غِبْت عَنْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ مَتَى غِبْت عَنِّي فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ يَحْلِفُ سَيِّدُهَا بِحُرِّيَّتِهَا فَتَقُولُ إنْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْحَدِيثَ فَقَالَ فِيهِ وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وُجُوهٌ

(الْأَوَّلُ) أَنَّ مَالِكًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إمَامٌ إذَا انْفَرَدَ وَقَوْلُهُ غُلِّبَ قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ فَكَيْفَ إذَا اتَّفَقَا عَلَى خِلَافِهِ (الثَّانِي) أَنَّ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ فَقَالَ فِيهِ: وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَوْلَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ لِعِلْمِهِ بِالْمُرَادِ بِهِ كَانَ مَرَّةً يَقُولُ «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ» وَمَرَّةً يَقُولُ «وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ» وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ «وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ» (الثَّالِث) أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ» بِمِثْلِ رِوَايَةِ مَالِكٍ

(الرَّابِعُ) أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ رِوَايَةِ زِيَادٍ لَحَمَلْنَا عَلَى الْبِكْرِ الْمُعْنِسِ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ. اهـ مُلَخَّصًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

٢ -

(وَصْلٌ) فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] مَسْأَلَتَانِ مِنْهَا فِقْهِيَّتَانِ الْأُولَى مِنْهُمَا هِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَرْقِ دُونَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةُ نَحْوِيَّةٌ

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] أَيْ يَعْفُوَ النِّسَاءُ عَنْ النِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ لَهُنَّ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَفْرُوضِ لَهُنَّ فَيَسْقُطُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَالَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَقَالَ مَالِكٌ هُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ هُوَ الزَّوْجُ وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ لُبَابُهَا أَرْبَعَةٌ

(الْأَوَّلُ) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الصَّدَاقَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرًا مُجْمَلًا مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَحُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] فَأَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِلزَّوْجِ فِي قَبُولِ الصَّدَاقِ إذَا طَابَتْ نَفْسُ الْمَرْأَةِ بِتَرْكِهِ وَقَالَ أَيْضًا {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: ٢٠] إلَى آخِرِهَا فَنَهَى اللَّهُ الزَّوْجَ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا آتَى الْمَرْأَةَ إنْ أَرَادَ طَلَاقَهَا

(الثَّانِي) أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ صَرِيحًا

(الثَّالِثُ) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِي هِبَةِ مَالِ آخَرَ فَضْلٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيهَا يَهَبُهُ الْمُفَضَّلُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَالْأَصْلُ يَقْتَضِي عَدَمَ تَسَلُّطِ الْوَلِيِّ عَلَى مَالِ مُوَلِّيَتِهِ

(الرَّابِعُ) أَنَّ عَفَا كَمَا يُقَالُ بِمَعْنَى أَسْقَطَ كَذَلِكَ يُقَالُ بِمَعْنَى بَذَلَ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَيَيْهِ أَبْلُغُ وَأَوْلَى مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي إحْدَاهُمَا لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ شَبَهَ اسْتِخْدَامٍ وَلِأَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْقَطَتْ مَا وَجَبَ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ إبْقَاءً لِلْمُرُوءَةِ وَاتِّقَاءً فِي الدِّيَانَةِ قَائِلَةً لَمْ يَنَلْ مِنِّي شَيْئًا وَلَا أَدْرَكَ مَا بَذَلَ فِيهِ هَذَا الْمَالَ كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ أَنَا أَتْرُكُ الْمَالَ لَهَا لِأَنِّي قَدْ نِلْت الْحِلَّ وَابْتَذَلْتهَا بِالطَّلَاقِ فَتَرْكُهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَأَخْلَصُ مِنْ اللَّائِمَةِ

(وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ) أَنَّ جَعْلَ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اسْتَشْهَدُوا بِهِمَا تَفْسِيرًا لِمُجْمَلِ هَذِهِ الْآيَةِ ضَعِيفٌ يُسْقِطُ حُكْمَ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ جَعْلِ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِبَيَانِ حُكْمِ الْأَزْوَاجِ وَهَذِهِ الْآيَةَ لِبَيَانِ حُكْمِ الْوَلِيِّ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُمَيِّزَ الْوَلِيَّ فِيهَا عَنْ الزَّوْجِ بِمَعْنَى يَخُصُّهُ فَكَنَّى عَنْهُ كِنَايَةً مُسْتَحْسَنَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْفَصَاحَةِ وَأَتَمُّ فِي الْمَعْنَى وَأَجْمَعُ لِلْفَوَائِدِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَجِيءَ الْأَحْكَامِ كُلِّهَا مُبَيِّنَةً وَالْفَوَائِدُ الثَّلَاثَةُ مُعْتَبَرَةٌ

(وَعَنْ الثَّانِي) أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>