للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَدَفْعِ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ الْغَاصِبُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسُدُّ الْمَسَدَ وَيُزِيلُ التَّكْلِيفَ وَدَفْعِ النَّفَقَاتِ لِلزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالدَّوَابِّ فَإِنْ دَفَعَهَا غَيْرُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ أَجْزَأَتْ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ الْمَأْمُورُ بِهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرُبَتْ، وَكَذَلِكَ دَفْعُ اللُّقَطَةِ لِمُسْتَحِقِّهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ مُلْتَقِطُهَا، وَهَذَا النَّحْوُ (وَقِسْمٌ) اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ فِعْلِ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّوْحِيدُ وَالْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وَكَذَلِكَ حُكِيَ فِي الصَّلَاةِ الْإِجْمَاعُ وَنُقِلَ الْخِلَافُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الصَّلَاةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَيُقَالُ إنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ (وَقِسْمٌ) مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُجْزِئُ فِعْلُ غَيْرِ الْمَأْمُورِ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ وَيَسُدُّ الْمَسَدَ أَمْ لَا وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) الزَّكَاةُ إنْ أَخْرَجَهَا أَحَدٌ بِغَيْرِ عِلْمِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْإِمَامِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي الْأُضْحِيَّةِ يَذْبَحُهَا غَيْرُ رَبِّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِذْنِهِ إنْ كَانَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ صَدِيقَهُ وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

لَا كَلَامٌ فِيهِ وَصَحِيحٌ ظَاهِرٌ إلَّا قَوْلَهُ بِتَقْدِيرِ مِلْكِ الْمَقْتُولِ خَطَأً لِلدِّيَةِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ فِيهَا عِنْدِي أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِإِنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ لَا بِالزُّهُوقِ، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهَا إلَّا بِالزُّهُوقِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى أَجَلٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِالْعَقْدِ، ثُمَّ لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ إلَّا عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِلَّا قَوْلَهُ يُقَدَّرُ انْتِقَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ قَبْلَ صُدُورِ الْعِتْقِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي الْأُمُورِ الْمَالِيَّةِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

بِهِ قَضَيْنَا بِهِ لِلْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا وَلَوْ تَجَاذَبَا سَيْفًا كَانَ لِلرَّجُلِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْمُسْتَنَدُ فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ ثَالِثٍ الصَّلَاحِيَةُ فَقَطْ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَيْهِ يَدٌ وَقَوْلُنَا مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجَيْنِ يَكُونُ لِلزَّوْجِ مَعَ أَنَّهُ لَا ظَاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَيْهِ لَيْسَ نَقْضًا لَا سَلْبًا وَلَا تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحَ نَظَرًا لِكَوْنِ الْيَدِ مُشْتَرَكَةً بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِنَا مِنْ التَّرْجِيحِ بِمُرَجِّحٍ لِأَنَّ يَدَ الزَّوْجِ أَقْوَى وَهُوَ الْمُرَجَّحُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي يَدِهِ وَتَحْتَ حَوْزِهِ وَالدَّارَ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَهَا وَأَنْ يَجْبُرَهَا وَأَنْ يَخْدُمَهَا فَالدَّارُ هِيَ مِنْ قِبَلِهِ كَحَوْزِ امْرَأَتِهِ فَلِذَلِكَ قُضِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ كَالْمُدَاعِيَيْنِ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ دُونَ الْآخَرِ وَكَوْنُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الظَّاهِرِ إنَّمَا يَشْهَدُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَقَطْ فَإِنَّ السَّيْفَ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُهُ الرِّجَالُ، وَالْحُلِيَّ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُهُ النِّسَاءُ، وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمِلْكِ لَا فِي الِاسْتِعْمَالِ وَقَدْ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ بِعَارِضٍ مِنْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَنَكَحَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ وَقَدْ يَمْلِكُ الرِّجَالُ مَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَا فِي يَدِ الْإِنْسَانِ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَيَنْدُرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَإِذَا دَارَ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّادِرِ وَالْغَالِبِ فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ هُوَ سَاكِنٌ فِي دَارٍ وَيَدُهُ عَلَيْهَا يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ وَظَاهِرِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَجَعَلَ الْمَالِكِيَّةُ الْيَدَ لَهُمَا أَعْنِي الزَّوْجَيْنِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الرَّجُلَ حَائِزٌ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ دَرَكٌ لَا يَخْفَى وَبِالْجُمْلَةِ الْمَسْأَلَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ بِلَفْظٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(وَصْلٌ) فِي تَوْضِيحِ هَذَا الْفَرْقِ بِأَرْبَعِ مَسَائِلَ

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا اخْتَلَفَا وَهُمَا زَوْجَانِ أَوْ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالزَّوْجَانِ حُرَّانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لِلْمَرْأَةِ بِمَا هُوَ شَأْنُ النِّسَاءِ وَلِلرَّجُلِ بِمَا هُوَ شَأْنُ الرِّجَالِ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا قُضِيَ بِهِ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ فَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ فَيُقَدَّمُ لِأَجْلِ الْيَدِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَكْفِي

أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ هَذَا لِي لِأَنَّهُ مَتَاعُ الْبَيْتِ حَتَّى يَقُولَ هَذَا مِلْكِي قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لَوْ تَنَازَعَا فِي رِدَاءٍ فَقَالَ هُوَ لَهَا إلَّا الْكَتَّانَ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته فَقَالَ أَصْبَغُ لَهُ بِقَدْرِ كَتَّانِهِ، وَلَهَا لِأَنَّهُ بِقَدْرِ عَمَلِهَا لَوْ ادَّعَاهُ صَدَقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّبَّاغِ وَالْعَطَّارِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَالَ مَالِكٌ مَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَخَذَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ إنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى الرَّجُلِ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ.

وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ نَحْوُ الْعِمَامَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ تَدَّعِي الْمَرْأَةُ إرْثَهُ فَيَحْلِفُ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا يُقْضَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ مَا يَصْلُحُ لَهُمَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ اخْتَلَفَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ خُلْعٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ فِرَاقٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ وَالزَّوْجَانِ حُرَّانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَالْآخَرُ عَبْدٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً أَمْ لَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ كَانَتْ لَهَا عَلَيْهِ يَدٌ مُشَاهَدَةٌ أَوْ حُكْمِيَّةٌ فَالْيَدُ الْمُشَاهَدَةُ أَنْ يَكُونَا قَابِضَيْنِ عَلَى الشَّيْءِ فَيَتَجَاذَبَانِهِ وَيَتَنَازَعَانِ وَالْحُكْمِيَّةُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ الزَّوْجَانِ وَالْأَجْنَبِيَّانِ وَذَوَاتُ الْمَحَارِمِ إذَا سَكَنَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي دَارٍ وَهَذَا الْأَصْلُ لَا مُنَاقَضَةَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ حَتَّى قَالَ أَئِمَّتُنَا لَوْ اخْتَلَفَ عَطَّارٌ وَدَبَّاغٌ فِي الْمِسْكِ وَالْجِلْدِ وَاخْتَلَفَ الْقَاضِي وَالْحَدَّادُ فِي الْقَلَنْسُوَةِ وَالْكِيرِ وَكَانَتْ لَهُمَا عَلَيْهِ يَدٌ حُكْمِيَّةٌ فِي دَارٍ يَسْكُنَانِهَا أَوْ مُشَاهَدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>