للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْزِلَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُ لِتَمَكُّنِ الصَّدَاقَةِ بَيْنَهُمَا أَجْزَأَتْهُ الْأُضْحِيَّةُ إنْ كَانَ مَخْرَجُ الزَّكَاةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّكَاةَ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا عِبَادَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا مُفْتَقِرَةٌ لِلنِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا لِافْتِقَارِهَا لِلنِّيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَجْلِ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَ فِعْلُ الْغَيْرِ فِيهَا مُطْلَقًا كَالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَاسَهَا عَلَى الدُّيُونِ وَاسْتَدَلَّ بِأَخْذِ الْإِمَامِ لَهَا كُرْهًا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَبِاشْتِرَاطِهَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ التَّعَبُّدِ مِنْ جِهَةِ مَقَادِيرِهَا فِي نَصْبِهَا وَالْوَاجِبِ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ أَخَذَهَا الْإِمَامُ كُرْهًا وَهُوَ عَدْلٌ أَجْزَأَتْ عِنْدَ مَالِكٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى اعْتِمَادًا عَلَى فِعْلِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: ١٠٣] وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ الَّذِي أَقَلُّ مَرَاتِبِهِ الْإِذْنُ وَالْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِمْ قَهْرًا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ كُرْهًا لَكِنْ يُلْجِئُهُ إلَى دَفْعِهَا بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ لِافْتِقَارِهَا لِلنِّيَّةِ وَإِلَّا كُرِهَ مَعَ النِّيَّةِ مُتَنَافِيَانِ

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) الْحَجُّ عَنْ الْغَيْرِ مَنَعَهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِنَاءً عَلَى شَائِبَةِ الْمَالِ وَالْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةِ يَدْخُلُهَا النِّيَابَاتُ وَمَالِكٌ يُلَاحِظُ أَنَّ الْمَالَ فِيهِ عَارِضٌ بِدَلِيلِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

أَوْ تَنَازَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ رُمْحًا وَهُمَا يَتَجَاذَبَانِهِ فَالْقَوْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فَيُحْكَمُ لِلرَّجُلِ بِالرُّمْحِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ دُمْلُجًا قُضِيَ بِهِ لِلْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا وَيُقْضَى لِلْعَطَّارِ بِالْمِسْكِ مَعَ يَمِينِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الزَّوْجَانِ فِي الْبَيْتِ فَحَازَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَقَبْضَتِهِ مَا يَصْلُحُ لِلْآخَرِ دُونَهُ قَالَ فَاَلَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي فِيهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ حَازَهُ دُونَ الْآخَرِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الَّذِي تُقَدَّمُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَيُقْضَى لَهَا بِهِ لِأَجْلِ الصَّلَاحِيَةِ الْحُلِيُّ وَثِيَابُ النِّسَاءِ وَجَمِيعُ الْجِهَازِ مِنْ الطَّسْتِ وَالْمَنَارَةِ وَالثِّيَابِ وَالْقَبْقَابِ وَالْبُسُطِ وَالْوَسَائِدِ وَالْمَرَافِقِ وَالْفُرُشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يُقْضَى بِهِ لِلرَّجُلِ السِّلَاحُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالْخَاتَمُ الْفِضِّيَّةُ وَثِيَابُ الرَّجُلِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا كَالدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا وَالرَّقِيقِ.

وَأَمَّا أَصْنَافُ الْمَاشِيَةِ فَلِمَنْ حَازَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ مَا فِي الْمَرَابِطِ مِنْ خَيْلٍ أَوْ بِغَالٍ أَوْ حَمِيرٍ فَلِمَنْ حَازَهُ قَالَ مَالِكٌ وَالْحُصْرُ كَالدَّارِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لِلزَّوْجَةِ، هَذَا تَقْرِيرُ الْمَنْقُولَاتِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَنَاقَضَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مُوَافِقًا لَنَا فَقَالَ مَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرَّجُلِ إنْ كَانَ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ أَصْحَابِهِ هُوَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ كَقَوْلِنَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ تَدَاعَيَاهُ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا مُشَاهَدٌ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا إذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ يَسْكُنَانِ مَعًا فَتَدَاعَيَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لَهُ وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلْمَرْأَةِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَطَّارُ وَالدَّبَّاغُ فِي الْمِسْكِ وَالْجِلْدِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا مَاتَ الرَّجُلُ أَنَّ سُلْطَانَهُ زَالَ عَنْ الْمَرْأَةِ بِالْمَوْتِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أَرْجَحَ فِيمَا تَدَعِّيهِ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْوَارِثَ شَأْنُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ لَهُ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ لَهُ بِدَلِيلِ الْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَطَرِيقَتُهُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَدَاعَيَا شَيْئًا فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَهُوَ لَهُ كَمَا قُلْنَاهُ وَإِلَّا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّانِ إذَا سَكَنَا دَارًا وَاحِدَةً

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَالَ عبق الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَلِلْمَرْأَةِ إلَخْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا كَوْنُ الشَّيْءِ لِأَحَدِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ بَيْنَ وَرَثَّتَيْهِمَا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ حَلَّى زَوْجَتَهُ تَزَيُّنًا بِحُلِيٍّ فِي مِلْكِهِ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ تُقِمْ هِيَ بَيِّنَةً عَلَى هِبَتِهِ لَهَا فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالنِّسَاءِ لَمْ تَخْتَصَّ بِهِ عَنْ الْوَرَثَةِ إذَا مَاتَ وَلَا تَأْخُذُهُ إذَا طَلَّقَهَا وَلَوْ طَالَ تَحَلِّيهَا بِهِ فِيهِمَا كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عج فِي بَابِ الْهِبَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ ذَلِكَ بِمِصْرَ وَإِنْ كَانَ الْمُشَاعُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَمَتَّعَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ فَهُوَ لَهَا لِثُبُوتِ مِلْكِ الْحُلِيِّ لِلرَّجُلِ وَلَكِنْ حَلَّاهَا بِهِ كَمَا مَرَّ وَأَوْلَى مِنْ التَّحْلِيَةِ الْفُرُشُ وَنَحْوُهَا ثُمَّ لَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْهِبَةِ وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا لِأَنَّهُ فِيمَا يَثْبُتُ أَنَّهُ وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهِمِهَا وَمَا هُنَا لَمْ يَقَعْ إلَّا التَّحْلِيَةُ أَوْ التَّمَتُّعُ بِالْفُرُشِ فَقَطْ. اهـ

بِتَصَرُّفٍ قَالَ الرَّهُونِيُّ وَمَا رَجَّحَهُ عج بِاقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا وَمَعْنًى أَمَّا نَقْلًا فَلِقَوْلِ صَاحِبِ الْفَائِقِ وَأَفْتَى ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ وَأَعْطَاهُ لِزَوْجَتِهِ تَلْبَسُهُ وَتَتَزَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَا هِبَةٌ وَتَمْلِيكٌ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَيْمَانِهِمْ إلَّا أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ اهـ.

٢ -

وَفِي نَوَازِلِ النِّكَاحِ مِنْ الْمِعْيَارِ أَنَّ ابْنَ سِرَاجٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>