للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِي فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ احْتِرَازٌ مِنْ مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْحُكْمَ هُنَالِكَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَتَعَذَّرُ فِيهِ الْإِنْشَاءُ لِتَعَيُّنِهِ وَثُبُوتِهِ إجْمَاعًا، وَقَوْلِي تَتَقَارَبُ مَدَارِكُهَا احْتِرَازٌ مِنْ الْخِلَافِ الشَّاذِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُدْرَكِ الضَّعِيفِ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ بَلْ يُنْقَضُ فِي نَفْسِهِ إذَا حَكَمَ بِالْفَتْوَى الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُدْرَكِ، وَقَوْلِي لِأَجْلِ مَصَالِحِ الدُّنْيَا احْتِرَازٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْفَتْوَى بِتَحْرِيمِ السِّبَاعِ، وَطَهَارَةِ الْأَوَانِي

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فِي هَذَا الْفَصْلِ.

وَكَيْفَ يَكُونُ إنْشَاءُ الْحَاكِمِ الْحُكْمَ فِي مَوَاقِعِ الْخِلَافِ نَصًّا خَاصًّا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اجْتَهَدَ أَحَدُكُمْ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» وَكَيْفَ يَصِحُّ الْخَطَأُ فِيمَا فِيهِ النَّصُّ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا كَلَامٌ بَيِّنُ الْخَطَأِ بِلَا شَكٍّ فِيهِ، وَمَا تَخَيَّلَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ يُعَيِّنُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي نُفُوذِ الْحُكْمِ وَثَبَاتِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ لَوْ لَمْ يُنَفَّذْ لَا لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ إنْشَاءٌ مِنْ الْحَاكِمِ مَوْضُوعٌ كَنَصٍّ خَاصٍّ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ (وَقَوْلِي فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ احْتِرَازٌ مِنْ مَوْقِعِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْحُكْمَ هُنَالِكَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَتَعَذَّرُ فِيهِ الْإِنْشَاءُ لِتَعَيُّنِهِ وَثُبُوتِهِ إجْمَاعًا) قُلْت هَذَا كَلَامٌ سَاقِطٌ أَيْضًا، وَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ فَالْحُكْمُ فِي مَوَاقِعِ الْخِلَافِ ثَابِتٌ بِالْخِلَافِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّصْوِيبِ كِلَاهُمَا حَقٌّ وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّصْوِيبِ أَحَدُهُمَا حَقٌّ، وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ ثَبَتَ الْعُذْرُ لِلْمُكَلَّفِ فِي ذَلِكَ، وَمَا أَوْقَعَهُ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ إلَّا الِاشْتِرَاكُ الَّذِي فِي لَفْظِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُقَالُ الْحُكْمُ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى النِّكَاحِ اللُّزُومُ لِلْمُقَلِّدِ الْمَالِكِيِّ، وَيُقَالُ الْحُكْمُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ الْفُلَانِيُّ عَلَى فُلَانٍ مُعَلِّقِ الطَّلَاقِ لُزُومُ الطَّلَاقِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الْأَوَّلِ لُزُومُ الطَّلَاقِ لِكُلِّ مُعَلِّقٍ لِلطَّلَاقِ مِنْ مَالِكِيٍّ أَوْ مُقَلِّدٍ لِمَالِكِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الثَّانِي لُزُومُ الطَّلَاقِ بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِكِيٍّ أَوْ غَيْرِ الْمَالِكِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ (وَقَوْلِي تَتَقَارَبُ مَدَارِكُهَا احْتِرَازٌ مِنْ الْخِلَافِ الشَّاذِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُدْرَكِ الضَّعِيفِ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ بَلْ يُنْقَضُ فِي نَفْسِهِ إذَا حُكِمَ بِالْفَتْوَى الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُدْرَكِ الضَّعِيفِ) قُلْت لِلْكَلَامِ فِي الْقَوْلِ الشَّاذِّ وَالْمُدْرَكِ الضَّعِيفِ مَجَالٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ قَالَ (وَقَوْلِي لِأَجْلِ مَصَالِحِ الدُّنْيَا احْتِرَازٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْفَتْوَى بِتَحْرِيمِ السِّبَاعِ وَطَهَارَةِ الْأَوَانِي

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْكَلَامِ) فِيهِ أَنَّ الْمَقْسُومَ كَمَا مَرَّ إمَّا رِقَابُ أَمْوَالٍ، وَإِمَّا مَنَافِعُ الرِّقَابِ، وَأَقْسَامُ الرِّقَابِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تُنْقَلَ وَتُحَوَّلَ أَمْ لَا، وَالثَّانِي هُوَ الرِّبَاعُ، وَالْأُصُولُ وَالْأَوَّلُ إمَّا مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ، وَإِمَّا غَيْرُ مَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ، وَهُوَ الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ أَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ فَقَالَ حَفِيدُ ابْنِ رُشْدٍ فِي بِدَايَتِهِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ الْمُتَعَدِّدِ مِنْهُمَا عَلَى التَّرَاضِي، وَاخْتَلَفُوا فِي قِسْمَتِهِ بِالتَّعْدِيلِ وَالسُّهْمَةِ فَأَجَازَهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي تَمْيِيزِ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ السُّهْمَةُ مِنْ الَّذِي لَا تَجُوزُ فِيهِ فَاعْتَبَرَ أَشْهَبُ بِمَا لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ.

وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَاضْطَرَبَ فَمَرَّةً أَجَازَ الْقَسْمَ بِالسُّهْمَةِ فِيمَا لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ فَجَعَلَ الْقِسْمَةَ أَخَفَّ مِنْ السَّلَمِ، وَمَرَّةً مَنَعَ الْقِسْمَةَ فِيمَا مَنَعَ فِيهِ السَّلَمُ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ فِي ذَلِكَ أَخَفُّ، وَأَنَّ مَسَائِلَهُ الَّتِي يُظَنُّ مِنْ قِبَلِهَا أَنَّ الْقِسْمَةَ عِنْدَهُ أَشَدُّ مِنْ السَّلَمِ تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ عَلَى أَصْلِهِ الثَّانِي اهـ.

مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ، وَقَالَ التَّسَوُّلِيُّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ، وَلَا بُدَّ فِيمَا تَفَاوَتَتْ أَجْزَاؤُهُ مِنْ التَّقْوِيمِ فَتُجْمَعُ الدُّورُ عَلَى حِدَتِهَا، وَالْأَقْرِحَةُ أَيْ الْفَدَّادِينَ عَلَى حِدَتِهَا وَالْأَجِنَاتُ عَلَى حِدَتِهَا، وَالْبَقَرُ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا عَلَى حِدَتِهَا وَالْإِبِلُ كَذَلِكَ عَلَى حِدَتِهَا، وَالرَّقِيقُ كَذَلِكَ عَلَى حِدَتِهَا، وَالْحَمِيرُ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا عَلَى حِدَتِهِ، وَالْبِغَالُ كَذَلِكَ، وَهَكَذَا ثُمَّ يُجَزَّأُ الْمَقْسُومُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِالْقِسْمَةِ عَلَى أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا، وَيَقْتَرِعُونَ اهـ.

بِلَفْظِهِ، وَقَالَ الْأَصْلُ مَنْعُ أَبُو حَنِيفَةَ قَسْمَ الرَّقِيقِ، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيِّ، وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَلِفَةٌ بِالْعَقْلِ وَالشَّجَاعَةِ وَغَيْرِهِمَا فَلَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّعْدِيلُ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ تَعْدِيلُهُ لَامْتَنَعَ بَيْعُهُ وَتَقْوِيمُهُ لِأَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

(وَأَمَّا) الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَإِمَّا أَنْ يَقَعَ قَسْمُهُمَا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ الْمَعْلُومِ أَوْ الْمَجْهُولِ أَوْ جُزَافًا بِلَا تَحَرٍّ أَوْ بِتَحَرٍّ فَمَا وَقَعَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ الْمَعْلُومِ أَوْ الْمَجْهُولِ يَجُوزُ بِالتَّرَاضِي بِلَا خِلَافٍ كَانَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ أَمْ لَا قَالَ الرَّمَاصِيُّ، وَمَا فِي الْحَطَّابِ مَنْ مَنَعَ الْمُرَاضَاةَ فِيمَا فِيهِ التَّفَاضُلُ مَحْمُولٌ عَلَى قَسْمِ مَا لَيْسَ صُبْرَةً وَاحِدَةً كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ مَحْمُولَةٍ وَسَمْرَاءَ أَوْ مَغْلُوتٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ اهـ.

وَفِي جَوَازِهِ بِالْقُرْعَةِ وَمَنْعِهِ بِهَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ هَلَكَ، وَتَرَكَ مَتَاعًا وَحُلِيًّا قُسِّمَ الْمَتَاعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِالْقِيمَةِ، وَالْحُلِيُّ بِالْوَزْنِ فَإِنَّهُ قَالَ يُرِيدُ أَوْ يَتَرَاضَيَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالْآخَرُ هَذَا أَوْ بِالْقُرْعَةِ إذَا اسْتَوَى الْوَزْنُ، وَالْقِيمَةُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَجُزْ

<<  <  ج: ص:  >  >>