للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ التَّرَدُّدِ لِلْكَنَائِسِ فِي أَعْيَادِهِمْ بِزِيِّ النَّصَارَى، وَمُبَاشَرَةِ أَحْوَالِهِمْ أَوْ جَحْدِ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَقَوْلُنَا انْتِهَاكٌ خَاصٌّ احْتِرَازٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ فَإِنَّهَا انْتِهَاكٌ، وَلَيْسَتْ كُفْرًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا الْخُصُوصِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَجَحْدُ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَجَحْدِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْقُرُبَاتِ بَلْ لَوْ جَحَدَ بَعْضَ الْإِبَاحَاتِ الْمَعْلُومَةِ بِالضَّرُورَةِ كَفَرَ كَمَا لَوْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ: (أَوْ التَّرَدُّدُ إلَى الْكَنَائِسِ فِي أَعْيَادِهِمْ، وَمُبَاشَرَةُ أَحْوَالِهِمْ) قُلْتُ: هَذَا لَيْسَ بِكُفْرٍ إلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ مُعْتَقَدَهُمْ. قَالَ: (أَوْ جَحَدَ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) قُلْتُ: هَذَا كُفْرٌ إنْ كَانَ جَحَدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَيَكُونُ تَكْذِيبًا، وَإِلَّا فَهُوَ جَهْلٌ وَذَلِكَ الْجَهْلُ مَعْصِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِإِزَالَةِ مِثْلِ هَذَا الْجَهْلِ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ. قَالَ: (فَقَوْلُنَا انْتِهَاكٌ خَاصٌّ احْتِرَازٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ فَإِنَّهَا انْتِهَاكٌ، وَلَيْسَتْ كُفْرًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا الْخُصُوصِ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قُلْتُ: لَيْسَتْ الْكَبَائِرُ وَالصَّغَائِرُ انْتِهَاكًا لِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا هِيَ جُرْأَةٌ عَلَى مُخَالَفَةٍ تُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَغْرَاضُ وَالشَّهَوَاتُ. قَالَ: (وَجَحْدُ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ كُنَّا نُكَفِّرُ بِذَلِكَ الْجَحْدِ غَيْرَهُ) قُلْتُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ إلَّا كَوْنَهُ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتِرَاطِ شُهْرَةِ ذَلِكَ الْأَمْرِ مِنْ الدِّينِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِهَارِ ذَلِكَ مِنْ وُصُولِ ذَلِكَ إلَى هَذَا الشَّخْصِ وَعِلْمِهِ بِهِ فَيَكُونُ إذْ ذَاكَ مُكَذِّبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَكَانَ مِنْ مَعَالِمِ الدِّينِ الْمُشْتَهِرَةِ فَهُوَ عَاصٍ بِتَرْكِ التَّسَبُّبِ إلَى عِلْمِهِ لَيْسَ بِكَافِرٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَالنَّذْرِ وَهُوَ الْفَرْقُ الْمَانِعُ مِنْ الْقِيَاسِ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الشَّيْءِ يَتَنَاوَلُ شُرُوطَهُ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ فَكَمَا لَا يَحْتَاجُ الْبَيْعُ فِي دَعْوَاهُ إلَى الشُّرُوطِ كَذَلِكَ النِّكَاحُ لَا يَحْتَاجُ فِي دَعْوَاهُ إلَيْهَا وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ الرِّدَّةَ وَالْعُدَّةَ لَا يَدْخُلُهُمَا الْبَدْلَ وَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِمَا اهـ.

قَالَ تُسُولِيُّ الْعَاصِمِيَّةِ وَخَرَجَ بِهَذَا الشَّرْطِ الدَّعْوَى بِمَجْهُولِ الْعَيْنِ أَوْ الصِّفَةِ كَلِيِّ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا يَدْرِي جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ أَوْ أَرْضٌ لَا يَدْرِي حُدُودَهَا أَوْ ثَوْبٌ لَا يَدْرِي صِفَتَهُ أَوْ دَرَاهِمُ لَا يَدْرِي صِفَتَهَا وَلَا قَدْرَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا نَسْمَعُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ نَعَمْ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ أَوْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَلَا بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ إذْ الْكُلُّ مَجْهُولٌ وَالْحُكْمُ بِهِ مُتَعَذِّرٌ فَلَيْسَ الْحُكْمُ بِالْهَرَوِيِّ بِأَوْلَى مِنْ الْمَرْوِيِّ مَثَلًا وَلَا بِالْيَزِيدِيَّةِ بِأَوْلَى مِنْ الْمُحَمَّدِيَّةِ إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْحُكْمِ تَعْيِينُ الْمَحْكُومِ بِهِ وَلَا تَعْيِينَ هَاهُنَا وَهَكَذَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِ ابْنِ عَاصِمٍ:

وَمَنْ لِطَالِبٍ بِحَقٍّ شَهِدَا

وَلَمْ يُحَقَّقْ عِنْدَ ذَاكَ الْعَدَدُ إلَخْ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ الْبِسَاطِيِّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِهِمْ يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ وَيُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا يُؤْمَرُ بِالْجَوَابِ لَعَلَّهُ يُقِرُّ فَيُؤْمَرُ بِالتَّفْسِيرِ وَيُسْجَنُ لَهُ.

فَإِنْ ادَّعَى الْمُقِرُّ الْجَهْلَ أَيْضًا فَانْظُرْ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ لِطَالِبٍ بِحَقٍّ شَهِدَا إلَخْ وَانْظُرْ شَرْحَنَا لِلشَّامِلِ أَوَّلَ بَابِ الصُّلْحِ قَالَ الْحَطَّابُ مَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ مُرِيحَةٌ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ الْمَازِرِيِّ وَلَيْسَ مِنْهُ الدَّعْوَى عَلَى سِمْسَارٍ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ بِدِينَارَيْنِ وَقِيمَتُهُ دِينَارٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ الدَّعْوَى هُنَا تَعَلَّقَتْ بِأَمْرٍ مَعْلُومٍ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُهُ لَا يَدْرِي مَا يَجِبُ لَهُ عَلَى السِّمْسَارِ هَلْ الثَّمَنُ الَّذِي سَمَّاهُ إنْ بَاعَ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ غَيَّبَهُ إنْ لَمْ يَبِعْ اهـ إلَخْ.

قُلْتُ الدَّعْوَى هُنَا إنَّمَا هِيَ فِي الثَّوْبِ وَهُوَ مُعَيَّنٌ فَهُوَ يُطَالِبُهُ بِرَدِّهِ لَكِنْ إنْ اسْتَهْلَكَ أَوْ بَاعَ فَيُرَدُّ الثَّمَنُ أَوْ الْقِيمَةُ لِقِيَامِهِمَا مَقَامَهُ تَأَمَّلْ. اهـ. كَلَامُ التَّسَوُّلِيِّ وَفِي الْأَصْلِ قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَصِحُّ دَعْوَى الْمَجْهُولِ إلَّا فِي الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ بِالْوَصِيَّةِ الْمَجْهُولَةِ كَثُلُثِ الْمَالِ وَالْمَالُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَصِحَّةُ الْمِلْكِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالتَّعْيِينِ وَقَالَهُ أَصْحَابُنَا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ إنْ ادَّعَى بِدَيْنٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ ذَكَرَ الْجِنْسَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَالنَّوْعَ مِصْرِيَّةً أَوْ مَغْرِبِيَّةً وَالصِّفَةَ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرَةً وَالْمِقْدَارَ وَالسِّكَّةَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَضْبِطُهُ الصِّفَةُ ذَكَرَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةَ فِي السَّلَمِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَذْكُرَ مَعَهَا الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَضْبِطُهُ الصِّفَةُ كَالْجَوَاهِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَيَذْكُرُ فِي الْأَرْضِ وَالدَّارَ اسْمَ الصُّقْعِ وَالْبَلَدِ وَفِي السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالذَّهَبِ قِيمَتَهُ فِضَّةً وَبِالْفِضَّةِ قِيمَتَهُ ذَهَبًا أَوْ بِهِمَا قَوَّمَهُ بِمَا يَشَاءُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَهَذَا لَا يُخَالِفُهُ أَصْحَابُنَا وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ اهـ.

(الشَّرْطُ الثَّانِي) تَحَقُّقُ الدَّعْوَى بِالْمُدَّعَى فِيهِ أَيْ جَزْمُهَا وَقَطْعُهَا بِأَنْ يَقُولَ لِي عَلَيْهِ كَذَا احْتِرَازًا مِنْ نَحْوِ أَشُكُّ أَوْ أَظُنُّ أَنَّ لِي كَذَا فَإِنَّهَا لَا تَسْمَعُ قَالَ الْأَصِيلُ وَفِي اشْتِرَاطِ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةُ هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ وَجَدَ وَثِيقَةً فِي تَرِكَةِ مَوْرُوثِهِ أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِحَقٍّ لَهُ فَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ إلَّا الظَّنَّ وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الدَّعْوَى بِهِ وَإِنْ شَهِدَ بِالظَّنِّ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالسَّمَاعِ وَالْفَلَسِ وَحَصَرَ الْوَرَثَةَ وَصَرَّحَ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ مُسْتَنَدُهُ فِي الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لِأَنَّ مَا جَازَ الْإِقْدَامُ مَعَهُ لَا يَكُونُ النُّطْقُ بِهِ قَادِحًا قَالَ التَّسَوُّلِيُّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الظَّنَّ هَاهُنَا لِقُوَّتِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْقَطْعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَازَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ وَاعْتَمَدَ الْبَابَ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّهِ أَوْ خَطِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>