١- ٤: يقضي الله بين العباد بالحق والعدل والصدق، ولا يظلم ولا ينقص شيء من ثوابهم، ولا يزاد في عقابهم، ويكون الجزاء على قدر أعمالهم، وتوفى أو تعطى كل نفس جزاء ما عملت من خير أو شر، والله أعلم من كل أحد بما يفعل العباد في الدنيا، من غير حاجة إلى كاتب أو حاسب أو مسجل، ولكن وضع الكتاب أو صحف الأعمال وشهادة الشهود والأنبياء لإلزام الناس بالحجة وقطع المعذرة. ثم أبان الله تعالى حال الأشقياء وحال الأتقياء.
فيساق الكافرون سوقا عنيفا بزجر وتهديد إلى جهنم، جماعات متفرقة، حتى إذا وصلوا إليها، تفتح لهم أبوابها السبعة، ليدخلوها ويعاقبوا فيها. وتقول لهم خزنة النار من الملائكة، على وجه التقريع والتوبيخ: ألم يأتكم رسل من جنسكم تأخذون عنهم، ويتلون عليكم آيات الله التي أنزلها لإقامة الحجة على صحة ما دعوكم إليه، ويحذرونكم شر هذا اليوم، فأجابوا بقولهم: بلى، جاءونا وأنذرونا، ولكن كذبناهم وخالفناهم، ووجبت كلمة العذاب على من كفر بالله وأشرك. فتقول لهم الملائكة:
ادخلوا في أبواب جهنم التي فتحت لكم، مقدّرا لكم فيها الخلود والبقاء والدوام إلى الأبد، فبئس المقر الدائم جهنم، بسبب تكبركم في الدنيا عن اتباع الحق.
وأما الأتقياء الذين اتقوا الشرك، وهم كل من يدخل الجنة من المؤمنين:
فتسوقهم الملائكة إلى الجنة بإعزاز وتكريم، جماعات متعاقبة، حتى إذا وصلوا إلى أبواب الجنة الثمانية، بعد تجاوز الصراط فتفتح لهم أبوابها الثمانية، والواو في قوله:
وَفُتِحَتْ واو الحال، للدلالة على فتح الأبواب سابقا، وعلى الترحيب بهم، ولاستعجال السرور قبل الدخول إذا رأوها مفتوحة، وصيانة لهم عن المذلة التي يلقاها من يجد الباب مغلقا في وجهه. وتقول لهم خزنة الجنة: سلام لكم من كل آفة ومكروه، طابت أعمالكم وأقوالكم وسعيكم في الدنيا، فادخلوا الجنة ماكثين فيها على الدوام.