من دلائل القدرة الإلهية: أن الله تعالى خلق أصل الإنسان وهو آدم من طين يابس له صلصلة، أي صوت مثل الخزف: وهو الطين المطبوخ بالنار، ليتماسك ويصير صلبا.
وخلق الله تعالى أصل الجن: وهو إبليس من طرف النار، أي من لهب خالص لا دخان فيه، فبأي نعم الله يا معشر الثقلين: الإنس والجن تكذبان أو تنكران هذا الواقع المشاهد؟
والله تعالى رب مشرقي الشمس في الصيف والشتاء، ورب مغربي الشمس في الصيف والشتاء، وبهما تتكون الفصول الأربعة، وتختلف أحوال المناخ من حر وبرد واعتدال. فبأي نعم الله هذه تكذبان أو تنكران؟! وخص الله تعالى ذكر المشرقين والمغربين بالتشريف في إضافة الرب إليهما، لعظمهما في المخلوقات، وأنهما طرفا آية عظيمة وعبرة، وهي: الشمس وجريها. ومتى ذكر المشرق والمغرب: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [المزمل: ٧٣/ ٩] فيراد منهما جنس المشرق والمغرب في الجملة، ومتى ذكر المشارق والمغارب فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: ٧٠/ ٤٠] فيراد به مشارق كل يوم ومغاربه، ومتى ذكر المشرقان والمغربان كما هنا فيراد بهما نهايتا المشارق والمغارب، لأن ذكر نهايتي الشيء ذكر لجميعه. وقال مجاهد: هو مشرق الصيف ومغربه، ومشرق الشتاء ومغربه. والله تعالى أرسل البحرين، والمراد بهما نوعا الماء العذب والأجاج، أي خلطهما في الأرض وأرسلهما متداخلين، قريب بعضهما من بعض، ولكن بينهما حاجز يحجزهما ويمنعهما من الاختلاط، فلا يبغي أحدهما على الآخر، بالامتزاج، والاختلاط. فبأي نعم ربكما أيها الإنس والجن تكذبان أو تنكران؟
يخرج من أحد البحرين- على حذف مضاف- وهو الأجاج: اللؤلؤ وهو: كبار