للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوهر المتكون في الصدف، والمرجان: صغاره، وهو حجر أحمر. وتتكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر «١» فبأي نعم الله الظاهرة لكم أيها الجن والإنس تكذبان؟ ففي ذلك من دلائل القدرة الإلهية ما لا يستطيع أحد تكذيبه، وخروج هذه الأشياء إنما هو من الملح، لكنه تعالى قال: مِنْهُمَا تجوّزا.

والله الذي خلق وألهم صنع الجواري: وهي السفن، جمع جارية، الرافعات أشرعتها في الهواء كالجبال الشواهق ونحوها من المرتفعات من الظراب والآكام.

ولفظة الْمُنْشَآتُ تعم الكبير والصغير. وقوله كَالْأَعْلامِ هو الذي يقتضي الفرق بينهما هنا. وإنما قال: وَلَهُ الْجَوارِ خاصة، مع أن الله السماوات والأرض وما بينهما، لأن أموال الناس وأرواحهم في قبضة قدرة الله تعالى، فبأي نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس؟ لقد خلقت لكم هذه النعم، أيمكنكم إنكار صناعة السفن الضخمة أو كيفية إجرائها في البحر، أو منافعها في تقريب المسافات، ونقل الحمولة وأنواع التجارة والصناعات، ليستفاد منها في بلاد أخرى.

ومما يؤكد كون هذه الأشياء من دلائل القدرة الإلهية: أن وجودها وزوالها بيد الله تعالى، فجميع من على الأرض من الناس والدواب، وجميع أهل السماوات إلا من شاء الله، سيتعرضون للفناء والموت، وتزول الحياة، ولا يبقى إلا الله سبحانه وتعالى، ذو العظمة والكبرياء، وصاحب الفضل والإكرام الذي يسبغ به على من يشاء من عباده، فبأي شيء من نعم الله هذه تكذبان أيها الجن والإنس؟! والضمير في قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) عائد للأرض، ولم يتقدم لها ذكر لوضوح المعنى، كما قال تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٨/ ٣٢] . والآية تشمل بالفناء جميع الموجودات الأرضية من حيوان وغيره. وغلّبت عبارة من يعقل في قوله


(١) لأن الصدف وغيرها تفتح أجوافها للمطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>