النجار، فجاؤوا متقلدي سيوفهم. فقال أنس: فكأني أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ على راحلته؛ وأبو بكر رِدْفَهُ، ومَلأُ بني النجار حوله؛ حتى ألقى بفِنَاءِ أبي أيوب، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يصلي حيث أدركَتْهُ الصلاةُ، ويصلِّي في مرابض الغنم، وإنه أمَرَ ببناءِ المسجد، فأرسل إلى بني النجار قال:
"يا بني النَّجَّار! ثامِنُوني بحائطكم هذا". فقالوا: والله لا نطلبُ ثَمَنَه إلا إلى الله.
قال أنس: وكان فيه ما أقول لكم: كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خِرَبٌ، وكانت فيه نخلٌ، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَر بقبور المشركين فَنُبِشَتْ، وبالخرَبِ فسُوِّيَت، وبالنخيل فَقُطِعَ، فَصُفِّفَ النخلُ قِبْلَةَ المسجدِ، وجعلوا عَضَادَتَيْه الحجارة، وجعلوا ينْقُلُون الصَّخْرَ؛ وهم يَرْتَجِزُونَ والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ معهم يقول:
"اللهمَّ لا خَيْرَ إلا خير الآخِرَة ... فانصُر ِالأنصارَ والمُهَاجِرَة".
(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه" بسند المؤلف. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأخرج الترمذي منه الصلاةَ في المرابض، وقال:"حديث حسن صحيح").
إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن أبي التَّيَّاح عن أنس.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وأبو التياح: اسمه يزيد بن حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ.