ولكن الفرق: أَنَّ هذا ليس بناذر حقيقة، بل هو ملتزم كما أَنَّ الناذر ملتزم، لكنَّ الناذر قَصَدَ أَنْ يلتزم الجزاء إذا وجد الشرط، وهذا لم يقصد أَنْ يلزمه الجزاء سواء وجد الشرط أو لم يوجد الشرط، ولكن التزمه ليمتنع بالتزامه مِنْ فعل الشرط، فإنه امتنع من فعل الشرط فجعل هذا الجزاء لازمًا له على تقديرٍ وهو كارهٌ للزوم الجزاء، فالتزم ما لا يُريدُ أَنْ يلزمه على ذلك التقدير، ليكون لزومه له على ذلك التقدير مانعًا له من ذلك التقدير لا لأنْ يَلزَمَهُ على التقدير، فهو ونذر التبرر يشتركان في الالتزام بمعنى أنه جعل الجزاء لازمًا له على تقدير الشرط في الموضعين، لكنْ هو في أحدهما يُريدُ الشرط ويريد لزوم ما جعله لازمًا إذا وجد الشرط، وفي الآخر يَكره الشرط ويكره لزوم ما جعله لازمًا له وَإِنْ وجد الشرط؛ فهو في نذر اليمين كارهٌ للشرط وللجزاء، وهو للجزاءِ أشد كراهةً وأدوم كراهة= فجعل هذا المكروه الأعلى لازمًا للمكروه الأدنى ليمنع ملزوم الأعلى من الأدنى، أو لِيَحُضَّ ملزوم الأعلى على الأدنى.
وفي نذر التبرر هو مريدٌ للشرط إرادةً تامةً، وَعَلَّقَ به الجزاء إما شكرًا لنعمة الله ــ تعالى ــ عليه إذا وجد الشرط، وإما لاعتقاده [٢٦٦/ ب] أَنَّ التزامه للجزاء سببٌ لوجود الشرط= فصار مريدًا للجزاء إذا وجد الشرط، ولا يريده بدون الشرط، وهو مريدٌ للشرط أقوى من إرادةِ الجزاء؛ فهنا كلاهما مراد، لكنَّ الجزاء مراد على تقدير الشرط تبعًا لوجوده، كما يريد البائع أداء الثمن إذا حصل له المبيع، وأما الشرط فمراد (١) أصلًا واستقلالًا. وأما في نذر