للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتحرير الذي يقوله المتأخرون، وهو أَنَّ الواجب الكفارة عينًا، بحيث لو أتى بالذي التزمه لا يكفي= لستُ أَعرفُ الآن دليلًا عليه لا من خبر ولا من نظر.

أما الخبر: فهم يستدلون له بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كفارة النذر كفارة يمين» (١). قال (٢):

وقد تأملتُ معنى هذا الحديث، والذي فهمته منه يبين كفارة النذر، كما بَيَّنَ الله كفارة اليمين في كتابه العزيز، وَلَمَّا لم يقتضِ ذلك إيجاب كفارة اليمين مطلقًا بل بشرط مخالفتها، والحنث كذلك؛ لا يقتضي هذا وجوب كفارة النذر مطلقًا، بل بشرط ألا يفي به، وَمَتى وَفَّى به فقد وَفَّى بمقتضى التزامه، فهو بمنزلة ما لو بَرَّ في يمينه فلا يحتاج إلى تكفير؛ فكيف يقال: إنه إذا أتى بالمنذور لا يكفي، ويقول: لم لا يأت به بل يكفر (٣). قال: فَإِنْ قلتَ هذا عند القائلين بوجوب الكفارة عينًا ليس بنذر ولكنه يمين. قلتُ: فيبطل احتجاجهم عليه بقوله: «كفارة النذر كفارة يمين» فإنه جعل نذرًا).

وأيضًا؛ فصاحب المذهب ــ الإمام الشافعي نفسه ــ قد جَعَلَ هذا من باب الأيمان لا من باب النذور، وهو لم يحتج على الكفارة فيه [٢٧٦/ أ] بهذا الحديث.

فقد تبين أَنَّ قوله: «كفارة النذر كفارة يمين» إما أَنْ يجعل النذر نوعًا من


(١) تقدم تخريجه في (ص ٩٢).
(٢) القائل هو السبكي. وينتهي النقل عنه بنهاية هذه الفقرة، وقد تقدم هذا النقل في (ص ٨٩٧).

انظر: «التحقيق» (٤٧/ب).
(٣) في «التحقيق»: (ونقول له: الا [وضع الناسخ فوقها حرف (ظ)] تأت به، بل كَفِّر، والله ــ تعالى ــ قد مَدَحَ على الوفاء بالنذر).