للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمة وإما بإجماع الصحابة وإما بدلالة الكتاب والسنة من أن تعليق النذر الذي يقصد به اليمين هو يمين تجري فيه كفارة يمين، وهذا المعنى موجود في تعليق الطلاق والعتاق إذا قصد به اليمين؛ فهذه الأدلة تدل على أن تعليق الطلاق والعتاق جميعًا إذا قُصِدَ به اليمين كانت يمينًا مكفرة، ثم ذكرنا الآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين في العتق لنبين النزاع فيه وندفع من ظن في ذلك إجماعًا، وكان تعليق العتق قد اشتهر النقل فيه عن الصحابة والتابعين لكون الحلف بالتزام القُرَبِ كان قد ظهر في زمن الصحابة، بخلاف الحلف بالطلاق والظهار والحرام فإنَّ هذا لم يكن مشهورًا في زمنهم [قد كثر في كلامهم من ذلك] (١) ليعلم أنهم إذا أجابوا في ذلك بكفارة يمين معللين ذلك بأنه يمين كان جوابهم في الحلف بالطلاق بكفارة يمين أولى وأحرى لشمول الدليل والعلة له، وأنَّ العتق مع كونه قربة يَلزم بالنذر إذا كان قصد اليمين في تعليقه مانعًا من لزومه فلأن يكون هذا مانعًا من لزوم الطلاق الذي لا يلزم بنذر وليس بقربة بطريق الأولى والأحرى.

ومذاهب العلماء المجتهدين يؤخذ من عموم خطابهم وعموم [٢٦/ أ] تعليلهم، كما يؤخذ حكم الشارع من عموم خطابه وعموم علته (٢)؛ وعموم العلة أقوى من عموم اللفظ، فإنَّ العموم اللفظي يَقبل التخصيص لمطلق الأدلة، وأما العلة فلا يجوز تخصيصها إلا بفرقٍ معنوي مؤثِّر يبين اختصاص صورة الفرق بوصف يوجب انتفاء الحكم عنها، وإلا فلو ساوت سائر الصور في العلة الموجبة للحكم= لوجب أن يساويها في الحكم، وإلا


(١) كذا في الأصل.
(٢) انظر ما سيأتي (ص ٦٠٧، ٨١٩).