للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مواضع يظنون في المسألة إجماعًا فيعملون به، مع مخالفتهم في ذلك الكتاب والسنة، مثل: من اعتقد أن نكاح الزانية قبل التوبة جائزٌ (١) بالإجماع، وخالف بذلك الكتاب والسنة (٢).

ومن هؤلاء مَنْ يقول: الإجماع [٥١/ ب] يَنسخ الكتاب والسنة؛ وكنا نَظُنُّ بمن يقول ذلك أنه يريد به: أَنَّ الإجماعَ دَلَّ على نَصٍّ ناسخٍ، حتى ذَكَرَ مَنْ صَرَّحَ في نقله بأن نفس الإجماع يُنسخ به، وهذا من جنس قول النصارى الذين يُجوِّزون لأحبارهم أن يغيروا شريعة الأنبياء برأيهم، وهؤلاء ممن عناهم الله بقوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١]، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم حين قال: ما عبدوهم. فقال: «أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم؛ فكانت تلك عبادتهم إياهم» (٣)؛ فمن جوَّز لعلماء


(١) في الأصل: (جائزًا)، وصوابها ما أثبتُّ.
(٢) مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٠٩ وما بعدها، ١٤٥)، الفتاوى الكبرى (٣/ ١٥١ وما بعدها، ١٧٦ وما بعدها)، مختصر الفتاوى المصرية (ص ٤٤٦). وانظر ما سيأتي (ص ٧٧٤).
(٣) أخرجه البخاري في تاريخه (٧/ ١٠٦)، والترمذي في جامعه (٣٠٩٥)، وابن جرير في التفسير (١١/ ٤١٧) وغيرهم بألفاظ متقاربة.
وقال الترمذي: هذا حديثٌ غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغُطيف بن أَعين ليس بمعروفٍ في الحديث.
وقال ابن تيمية في الإيمان (ص ٥٨) ــ وهو في الفتاوى ٧/ ٦٧ - : وهو حديث حسن طويل.
وقال الذهبي في المهذب (٨/ ٤١٠٨): غطيف ضعفه الدارقطني، وقيل: غضيف.
وانظر: السلسلة الصحيحة (٧/ ٨٦١).